موقع المجلس:
في الساعات الأولى من فصل الخريف، صُدم الشعب الإيراني بخبر مأساوي تمثل في انفجار في منجم الفحم في طبس، مما ترك البلاد في حالة من الحزن والأسى. وكشف محمد علي آخوندي، رئيس إدارة الأزمات في محافظة خراسان الجنوبية، أن سبب الانفجار، الذي وقع في الساعة التاسعة مساءً يوم السبت الموافق 21 سبتمبر 2024، كان “إطلاق مفاجئ لغاز الميثان في أحد الأنفاق”. وأضاف أن “تركيز الغاز في الأنفاق تسبب في انفجار على عمق 250 مترًا عموديًا و700 مترًا بشكل مائل في المنجم” (همشهري أونلاين، 22 سبتمبر 2024).
ووفقًا للتقارير، فقد لقي أكثر من 50 من عمال المنجم حتفهم في هذا الحادث المأساوي، وأُصيب 22 آخرون. وكان السبب الرئيسي للوفاة هو الاختناق نتيجة ارتفاع تركيز غاز الميثان في الأنفاق.
وجاء رد فعل وزير الصناعة والمناجم والتجارة، مسعود بزشكيان، كالمعتاد في مثل هذه الحوادث الوطنية. حيث جاءت تصريحاته مثل “سيتم تقديم تقرير فني كامل عن الحادث للشعب” و”أنشطة الشركة الخاصة التي تدير المنجم قيد المراجعة” كمحاولة لتحويل الأنظار عن السبب الحقيقي للمأساة.
هذا الحادث يعيد إلى الأذهان كارثة أخرى وقعت في 3 مايو 2017 في منجم يورت آزادشهر للفحم في محافظة گلستان، حيث انهار نفق دفن تحت أنقاضه 44 عاملًا. ألقت السلطات باللوم على الضحايا، مدعية أن “إهمال أحد الفنيين” تسبب في الانفجار. وأفادت التقارير أن شرارة اشتعلت في غاز الميثان أو غبار الفحم المتراكم في النفق عندما حاول العمال تشغيل قاطرة داخل النفق.
وبعد احتجاجات من عائلات الضحايا، اعترفت السلطات لاحقًا بأن “نفقين على جانبي النفق الرئيسي كان من المفترض أن يتم حفرهما لضمان التهوية الطبيعية وخروج الغاز. ومع ذلك، لم يتم حفر النفق على الجانب الأيسر، الذي كان بعمق 1800 متر، بالتوازي مع النفق الرئيسي، وتم حفر 300 إلى 400 متر فقط. لو تم الحفر، لكان بإمكان رجال الإنقاذ الوصول إلى العمال المحاصرين، وربما منع وفاة عدد منهم” (وكالة مهر للأنباء، 20 يونيو 2017).
وكشفت التحقيقات لاحقًا أن الانفجار لم يحدث في الموقع المزعوم لعطل البطارية. بل كانت الوفيات نتيجة نقص التهوية، والأهم من ذلك تعطل أجهزة الكشف عن الغاز.
وبعد عام، قدمت لجنة تحقيق برلمانية تقريرًا أوليًا لم يكشف عن السبب الدقيق للكارثة. كما أعلنت السلطة القضائية أن صاحب العمل هو المسؤول عن الحادث. لكن، كما كان متوقعًا، لم تتم محاسبة أحد، وعلاقات شركة التعدين بجهات قوية، بما في ذلك “مجموعة مهر الاقتصادية” المرتبطة بالباسيج، ضمنت عدم تحقيق العدالة.
وعلى الرغم من الوعود بإجراء مراجعة شاملة للبنية التحتية للأمان، تم إعادة فتح المنجم بعد 20 يومًا فقط من الحادث، وتم نسيان حياة 44 عاملًا شريفًا. واليوم، يستمر الجشع المستمر من قبل الجهات المدعومة من الحكومة في ابتلاع أرواح 52 عاملًا آخر.
ويبقى السؤال الآن: هل سيثير هذا الحادث الأخير غضبًا عامًا، أم سيستمر فقدان الأرواح البريئة في المستقبل؟