الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان (يسار) ووزير الخارجية عباس عراقجي
ایلاف – مهدي عقبائي:
على مدار تاريخ نظام ولاية الفقيه، واجه كل رئيس جمهورية تحديات في الحصول على ثقة البرلمان لوزرائه. من محمود أحمدي نجاد إلى حسن روحاني، وحتى إبراهيم رئيسي الذي حظي بدعم صريح من خامنئي، لم يتمكن أي منهم من نيل ثقة البرلمان لجميع وزرائه في المرحلة الأولى. ولكن ما حدث مع حكومة بزشكيان فاق كل التوقعات؛ فقد كانت حكومته الوحيدة التي حصلت على الثقة الكاملة من البرلمان منذ حكومة محمد خاتمي.
الحكومات السابقة وتحدي منح الثقة
واجه أحمدي نجاد في حكومتيه التاسعة والعاشرة صعوبات كبيرة في الحصول على الثقة لوزرائه. فقد فشل أربعة وزراء في حكومته الأولى وثلاثة وزراء في حكومته الثانية في نيل ثقة البرلمان. وكذلك الحال مع روحاني، حيث واجه تحديات مماثلة في حكومتيه، ففي حكومته الأولى فشل ثلاثة وزراء، وفي حكومته الثانية فشل وزير واحد في نيل الثقة. حتى رئيسي، الذي عينه خامنئي رئيسًا للجمهورية، لم يتمكن من الحصول على ثقة البرلمان لجميع وزرائه.
بزشكيان والتأييد الكامل
لكن قصة بزشكيان، الرئيس الجديد، كانت مختلفة تمامًا. فمجلس النواب، الذي كان يشكل تحديًا كبيرًا للرؤساء السابقين، هذه المرة منح الثقة لجميع وزراء بزشكيان دون مقاومة تُذكر. هذا التأييد الكامل وغير المسبوق يظهر أن بزشكيان ليس مجرد رئيس إصلاحي؛ بل هو “ظل خامنئي الوفي”، الذي يسير بدقة في تنفيذ توجيهات خامنئي ويحظى بالثقة الكاملة من النواب المختارين بعناية.
دور بزشكيان في حكومة خامنئي
بزشكيان، الذي يُقدَّم ظاهريًا كإصلاحي، هو في الواقع أكثر ولاءً لخامنئي من العديد من المحافظين. منح البرلمان الثقة الكاملة وغير المشروطة لجميع وزرائه لا يُظهر فقط قوة خامنئي، بل يكشف أيضًا عن دور بزشكيان كأداة رئيسية في تنفيذ سياسات خامنئي. يثبت هذا الحدث مرة أخرى أنه في هيكلية نظام الملالي، لا يوجد فرق حقيقي بين الإصلاحيين والمحافظين؛ فكلهم ينتهي بهم الأمر إلى نفس المسار: الحفاظ على النظام وتنفيذ توجيهات خامنئي.
كما أكدت السیدة مریم رجوي، رئیسة المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية، حول حكومة بزشكيان: “في خضم عمليات الإعدام، أكد الرئيس الجديد لخامنئي، ولاءه وولاء وزرائه لولاية الفقيه، ملتمسًا البرلمان الرجعي منح الثقة لحكومته للخروج من الأزمات”. وأضافت أن بزشكيان أشار إلى أنه بدون هذه الثقة، “أعتقد أنه من المستبعد أن نتمكن من الخروج من هذه الأزمات”.
وفي محاولة لكسب أصوات الفصائل المتنازعة على السلطة في النظام، كشف بزشكيان عن دور خامنئي قائلًا: “لماذا تجبرني على قول ما لا ينبغي أن أقوله؟”. وأضاف: “لم نقم بأي شيء بدون تنسيق، سواء مع اللجان الدنيا أو مع القمة [مع خامنئي]، ومع كل من كان يجب أن ننسق معهم… لقد اتفقنا مع كل من يجب أن نتفق معهم: الأجهزة الأمنية، الحرس، منظمة الاستخبارات، وكل من كان يجب أن ننسق معهم”.
الأفعى لا تلد حمامة
وأضافت رجوي: “كل شيء يشير إلى أن حكومة الملالي الجديدة، مثل الحكومات السابقة، هي مجرد أداة في يد خامنئی والحرس، وليس لها أي تغيير في المكونات الرئيسية لسياسة النظام، وخاصة القمع والنهب والمشاريع النووية والإرهاب وإثارة الحروب في الخارج”. وليس من المستغرب أن يقول بزشكيان في جلسة لبرلمان النظام عن نفسه وعن وزرائه، “ثقوا بي، ليس الأمر كما لو أن شخصا ما سيأتي ويقف أمام ولاية الفقيه، وأنا سأتحمله”. وأقسم: “أقسم بالله أننا نريد أن نحقق الرؤية التي وضعها القائد المعظم بقوة”.
بناءً على ذلك، وكما أكدت المقاومة الإيرانية مرارًا: “الأفعى لا تلد حمامة”. قصة بزشكيان أثبتت مرة أخرى أن النقاش حول الإصلاحيين والمحافظين في هذا النظام ليس سوى لعبة سخيفة. لقد أدرك الشعب الإيراني جيدًا أن هذه المسرحيات السياسية لا تحمل معنى حقيقيًا، ولهذا السبب يهتفون منذ سنوات في انتفاضاتهم: “أصولي، إصلاحي، اللعبة انتهت بالفعل”. إن الشعب والمقاومة الإيرانية يرون الحل في إسقاط هذا النظام بالكامل بجميع عصاباته وفصائله، لإقامة حكومة وطنية، شعبية وديمقراطية.