صوت العراق – محمد حسين المياحي:
من الاهداف المهمة التي يسعى إليها القادة والمسٶولون في النظام الايراني دائما وبصورة مستمرة، هو إظهار نظامهم بصورة حسنة وکأنه حمل وديع يسعى من أجل خير وصلاح وفلاح الجميع دونما إستثناء ومن إنه يهتم بشعبه أکثر من أي نظام آخر في العالم ويمنع من وقوع أي ظلم وإجحاف بحقهم، وقد ظل طوال ال45 عاما المنصرمة يصر على إظهار نفسه بهذه الصورة الجميلة على الرغم من صدور 70 قرار أممي يدين إنتهاکاته الفظيعة بحق الشعب الايراني ويدعوه الى الکف عنها.
المساعي الحثيثة التي يبذلها هذا النظام بطرق واساليب مختلفة من أجل الترکيز على دول ونظم سياسية أخرى بزعم إنها تظلم شعوبها وتغبنهم حقوقهم، ليست إلا مساعي مشبوهة من ألفها الى يائها وذلك من أجل التغطية على جرائمه وإنتهاکاته الفظيعة والسافرة بحق شعبه، ولاسيما وإنه وبعد الانتفاضات الشعبية الثلاثة الاخيرة التي إندلعت بوجهه يضاعف من ممارساته القمعية وحتى يتمادى فيها من أجل زرع أجواء الرعب والخوف حتى لايلجأ أحد للوقوف بوجهه.
بعد الفشل الذريع للإنتخابات التشريعية الاخيرة التي أجراها النظام على الرغم من الجهود غير العادية التي بذلها لعدة أشهر من أجل إنجاحها، فإنه يلجأ حاليا وکما تذکر وتٶکد المعلومات الواردة من داخل إيران وعن طرق مختلفة، الى ممارساته القمعية خصوصا وإنه يعلم بأن الشعب ساخط عليه وقد ينفجر بوجهه في أية لحظة، لکن الذي صعق النظام هو إنه وفي هذا الوقت بالذات وفي تقرير مؤلم تم تقديمه إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، اتهم جاويد رحمن، المقرر الخاص المعني بإيران، النظام الثيوقراطي بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، والهمجية، والقمع.
وأشار رحمن إلى أن النظام مذنب بارتكاب جرائم “القتل والسجن والتعذيب والاغتصاب وغيرها من أشكال العنف الجنسي والاضطهاد والاختفاء القسري وغيرها من الأعمال اللاإنسانية التي ارتكبت كجزء من هجوم واسع النطاق ومنهجي موجه ضد المدنيين”. ويحتوي التقرير المكون من 42 صفحة على كم هائل من الأدلة على “التمييز المؤسسي ضد النساء والفتيات” وجرائم أخرى تشمل “عمليات القتل والقتل خارج نطاق القضاء وغير القانوني، والاستخدام غير الضروري وغير المتناسب للقوة، والحرمان التعسفي من الحرية، والتعذيب، والاغتصاب، والاختفاء القسري، والاضطهاد بين الجنسين”.
وأعرب المقرر الخاص عن قلقه العميق إزاء تسارع استخدام عقوبة الإعدام، مضيفا أنه تم إعدام ما لا يقل عن 834 شخصا في عام 2023، أي بزيادة قدرها 43٪ مقارنة بعام 2022، عندما أعدم ما لا يقل عن 582 شخصا. وأفاد بأن “أحكام الإعدام صدرت عقب إجراءات انتهكت الإجراءات القانونية الواجبة والحق في محاكمة عادلة، على النحو المنصوص عليه في المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والجمهورية الإسلامية الإيرانية طرف فيه”. وتابع أن المعدومين تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة، وحرموا في كثير من الأحيان من الاتصال بمحام، ولم يسمح للمحامين بالدفاع عن موكليهم. وذكر السيد رحمن أن “أعداد الذين أعدموا من الأقليات العرقية والدينية لا تزال مرتفعة بشكل غير متناسب، لا سيما في الجرائم المتعلقة بالمخدرات أو الجرائم الأمنية”.
وانتقد المقرر الخاص إمكانية فرض عقوبة الإعدام على أكثر من 80 جريمة، بما في ذلك الجرائم الفضفاضة والغامضة المتعلقة بالأمن القومي والمحاربة (حمل السلاح لإزهاق الأرواح أو الممتلكات أو إثارة الخوف بين الناس)، والفساد في الأرض والبغي وغيرها من الجرائم مثل جرائم المخدرات والزنا واللواط والردة والكفر والسرقة وشرب الخمر (للإدانة الرابعة)، وكذلك الاحتيال والاستغلال الاقتصادي، وجرائم الدعارة وبعض أشكال الاتجار بالبشر. وأشار إلى أن “معظم هذه الجرائم لا ترقى إلى عتبة ‘أشد الجرائم خطورة’ وبالتالي يتم تطبيقها في انتهاك للمادة 6 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”.
وأفاد جاويد رحمن أيضا بأن الملالي أعدموا ما لا يقل عن ثمانية متظاهرين شاركوا في الانتفاضة التي هزت إيران في عام 2022. ودعا إلى إلغاء عقوبة الإعدام والوقف الفوري لتنفيذ عمليات الإعدام، مشيرا إلى أنه في ظل القانون الجنائي الإيراني، يمكن الحكم بالإعدام على الفتيات اللاتي لا تتجاوز أعمارهن 9 سنوات والفتيان الذين لا تتجاوز أعمارهم 15 عاما بسبب جرائم القصاص وجرائم الحدود، مثل الزنا.
وأضاف أنه تم إعدام طفل مذنب واحد على الأقل، وهو حميد رضا أذري البالغ من العمر 17 عاما، والذي يزعم أنه ارتكب جريمة قتل عندما كان عمره 16 عاما و8 أشهر، في 24 نوفمبر 2023. وكشف أن النظام الثيوقراطي هو أحد أبرز جلادي النساء، حيث أعدم في عام 2022، 16 امرأة من أصل 24 امرأة تم إعدامهن على مستوى العالم في ذلك العام. وفي عام 2023، تم شنق 22 امرأة أخرى.
وواصفا “التمييز المؤسسي الذي يمارسه الملالي ضد النساء والفتيات” بأنه انتهاك لحقوق الإنسان، لفت المقرر الخاص الانتباه بشكل خاص في تقريره إلى مقتل الفتاة الإيرانية الكردية الشابة مهسا أميني أثناء احتجازها، والتي قتلت على يد شرطة الآداب بسبب ما يبدو أنه انتهاك للقوانين المتعلقة بالحجاب، مما أدى إلى اندلاع انتفاضة وطنية في عام 2022.