موقع المجلس:
في 8 سبتمبر 1978، واجه الشاه الخائن المواطنين الطافح كيل صبرهم بالعنف المطلق مرتكبا مجزرة كبرى من أجل الحفاظ على ديكتاتوريته الملكية البغيضة، حيث استدعت دكتاتورية الشاه قوات نخبته المدربة والخونة الى ساحة ”جاله“ ليطلقوا النار على المواطنين الأعزل لقمع وخنق الثورة المناهضة للملكية، وقد عُرف هذا اليوم بيوم”الجمعة السوداء” أو يوم ” جمعة الدامية”
واستبدل الشاه الذي سبق له أن شهد تأجج الأحتجاجات الشعبية الحكومة المخلوعة وعين جعفر شريف إمامي رئيس «حكومة الوفاق الوطني»، وأعلن شريف إمامي الأحكام العرفية مساء يوم السابع من سبتمبر لمواجهة تصعيد المعارضة في طهران و 11 مدينة أخرى،
وضمن هذا المنهج سلم القيادة العسكرية لطهران إلى الجنرال غلام علي أويسي، أحد الجنرالات الربيب والقمعي للشاه.
كشفت ديكتاتورية الشاه التي لجأت حتى ذلك اليوم إلى كل المخططات لمنع انتشار الانتفاضة الشعبية عن وجهها الحقيقي بعد فشل كل خططها غير المجدية، وحاول أويسي قمع الشعب من خلال نشر وحدات من الحرس سيئ السمعة تاريخيا في مداخل وطرق ومحلات طهران وخاصة في ساحة زاله التي كانت أكثر اشتعالا من باقي مناطق طهران، وفي نهاية إتمام إستعدادته لقمع الشعب وبعد تلقيه أوامر إطلاق النار من الشاه.. قام بإطلاق النار على الشعب.
وقد أعلن أويسي في أول إعلان له في القيادة العسكرية أن الأحكام العرفية ستطبق اعتبارا من الساعة 6:00 صباحا من يوم 8 سبتمبر ولمدة 6 أشهر، لكن أهل طهران الثوار لم يستسلموا للحكم العسكري وأوامر جنرالات الشاه الديكتاتوريين، وساروا بقبضات اياديهم المشدودة وعزيمتهم الفولاذية في الساعات الأولى من يوم 8 سبتمبر.
وكما نراه من الصور المتعلقة بمجزرة “الجمعة الدامية” سقط المئات من مواطنينا على الأرض نتيجة النيران الكثيفة التي أطلقها حرس الشاه المخلد بإجرامه وطغيانه، وتوالى سقوط مئات الأشخاص من مواطنينا مضرجين بدمائهم النقية على أرض ساحة ”جاله“ والشوارع المؤدية إلها، وأدت هذه المذبحة الهائلة إلى تأجيج غضب الأمة وتسريع عملية الإطاحة بديكتاتورية الشاه، وهكذا اخذت الثورة المناهضة للملكية التي قام بها الشعب الإيراني مسارا جديدا.
على الرغم من توالي قتل العديد من الأشخاص في طهران من بينهم نساء وأطفال في تلك المجزرة الوحشية مضرجة دماؤهم على الأرض إلا أن خميني الذي كان في النجف في آنذاك ظل صامتا خائفا ولم يصدر منه أي رد فعل لمدة أربعة أيام ولم يُرسل حتى برقية واجب العزاء والمواساة لعوائل الشهداء من باب الشعور بالمسئولية الوطنية أو الإجتماعية أو الدينية أو الإنسانية.
بعد “تفكيك المشنقة وجرف وغسل الدم” ــ وبمواصلة الشباب الغاضب إنتفاضه وصمود ونهوض الشعب الثائر أخذت المقاومة ابعادا أوسع فتظاهروا بأعداد كبيرة في مقبرة الزهراء وأمام الطب الشرعي وفي مراسيم تشييع شهدائهم التي اتسمت بعاطفة شديدة صادقة وحماسة كبيرة ولم تخفهم سلطة الشاه العسكرية، وركب خميني مرة أخرى الموجة وأرسل رسالة متأخرة بعد أربعة أيام.
وبحسب تقارير شهود العيان:
نادى أحد قادة القوات العسكرية الذين احتلوا جزءا من الساحة في حدود الساعة 7:30 صباحا على الحشد بمكبر صوت محمول باليد لتفريقهم، وقال القائد في ندائه إن الحكومة أعلنت الأحكام العرفية في طهران الساعة 12 ظهرا ولن يُسمح لأكثر من ثلاثة أشخاص بالتجمع.
وكرر تلك الكلمات بعد حوالي عشر دقائق، لكن الحشد لم يأبه لذلك، وأصدر القائد نفسه أمر استعداد للقوات التي تحت إمرته وكانت الساعة حوالي 7:45 صباحا عندما أُمر بإطلاق النار، وكان يُعتقد أنها طلقة هوائية تحذيرية، واخذ البعض وضع الإنبطاح على الأرض وسقط من أصيبوا أيضا على الأرض، لكن صراخ الحرق وألم الطلقة غير الوضع فلم يعد أحد في وضع الإنبطاح، ونهض الجميع، وكان البعض يحاول إنقاذ الجرحى، والبعض الآخر يحمل الشهداء على أكتافهم، وكثير منهم نهضوا في فبراير أي شهر إسقاط نظام الشاه.
وأكد أحصاء مكتب الحاكم العسكري في طهران مقتل 87 شهيدا وجرح 205 اشخاص وقد قال الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو الذي ذهب إلى مكان الحادث لتغطية أحداث الثورة في إحدى الصحف الإيطالية أن 4000 شخص قتلوا في ذلك اليوم.