سعاد عزيز
کاتبة مختصة بالشأن الايراني
بعد الاحداث والتداعيات التي نجمت عن قضية تسمم البنات في المدارس الايرانية في سائر أرجاء البلاد، وبعد أن صارت قضية إنسانية تخطت الحدود الايرانية ولاسيما وإنها تأتي ضمن سياق النهج المعروف للنظام الايراني بالعداء والکراهية للمرأة وکذلك في خضم إنتفاضة سبتمبر الشعبية التي کانت شرارتها جريمة قتل الشابة الکردية مهسا أميني، فإن القادة والمسٶولون في النظام وعلى الرغم من کل التصريحات التي أطلقوها من أجل تبرير هذه الجريمة والتغطية عليها، وجدوا إن کل ذلك لم يجد نفعا وإن الشعب الايراني يوجه أصابع التهمة العمدية إليهم، ومن هنا وإستمرارا لمساعيهم الهادفة لإظهار برائتهم من إرتکاب هذه الجريمة، فإن وزارة الداخلية الايرانية ومن خلال بيان لها أعلنت عن إعتقال أكثر من 100 شخص في قضية تسميم طالبات المدارس.
وقالت وزارة الداخلية في بيانها المذکور إن المتهمين ربما استخدموا “مواد كريهة الرائحة وغير ضارة”، مضيفة أن من بين المعتقلين أشخاصا لديهم “دوافع عدائية هدفها بث الرعب في نفوس الناس والطالبات وإغلاق المدارس وإثارة الشكوك” حول النظام الإيراني! وهذا يأتي في ذروة وجود إجماع شعبي على إن النظام بنفسه يقف خلف هذه الجريمة وهي ليست بالجديدة والطارئة عليه إذ له ماض يشار له بالبنان بهذا الصدد، والمثير إن مسعى النظام البائس هذا يأتي في وقت ظهرت فيه روايات جديدة على مقتل الشابة مهسا أميني، لشهود عيان كانوا معها في مركز الاعتقال، حيث كشفت عدة نساء ممن كانوا مع الشابة العشرينية في الباص، حين اعتقلت من قبل شرطة الأخلاق، وفي مركز التحقيق أيضا، كيف تعرضت للضرب المبرح، بحسب ما كشفت صحيفة صنداي تايمز البريطانية. ومن دون شك إن الاعتقالات التي أعلنت عنها وزارة الداخلية لايمکن لها من أن تذر الرماد في الاعين وتغطي على هذه الجريمة.
جريمة تسميم البنات التي تم طرحها أمام العديد من المجالس التشريعية الدولية من قبل السيدة مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة من جانب المقاومة الايرانية، من حيث إن جريمة تسميم الآلاف من تلميذات المدارس في جميع أنحاء البلاد قد جرت بهجمات كيماوية، من أجل وقف الانتفاضة. ومن دون شك فإن النظام الايراني وفي خضم العزلة الدولية التي يواجهها وتزايد قرارات الادانة الدولية ضده في مختلف المجالات ولاسيما في مجال العداء للمرأة وکراهيتها، يريد من خلال إعلانه عن إلقاء القبض على أکثر من 100 شخص، تحقيق هدفين، الاول إنه مهتم بمتابعة هذه الجريمة ويحقق فيها والثاني، إنه من خلال إعتقال أکثر من 100 شخص وإن لبعضهم “دوافع عدائية”، يريد أن يثبت من خلال ذلك برائته من إرتکاب الجريمة أمام العالم کله، وهو کذب مفضوح ولاينطلي على أحد!
الحوار المتمدن-العدد: 7550 – 2023 / 3 / 14 – 11:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية