ایلاف – علاء الدين توران:
بالإضافة إلى القمع غير المسبوق وإطلاق النار المباشر على المتظاهرين، وجه قائد قوات الحرس وآخرون وحتى زعماء دينيون تهديدات وتوعّدوا بترهيب أبناء الشعب، لکنهم لم ينجحوا في إعادة المتمردين إلى بیوتهم.
التكتيك الأخير قد يكون اللجوء إلى أزمة أو حتى حرب خارجية، على غرار ما فعله خمیني لما شعر بأن زمام الأمر سیخرج من یده.
خلال زيارته المفاجئة للعراق الأسبوع الماضي، هدد إسماعيل قاآني قائد قوات القدس، بأنه إذا لم ينزع العراق سلاح الأحزاب الكردية المسلحة المتمركزة في كردستان العراق، فإن النظام الإیراني ستشنّ عملية حربیة غير مسبوقة باستخدام القوات البرية علی العراق.
وقال محمد باكبور، قائد القوات البرية في الحرس یوم الجمعة الماضیة: “الآن تغادر بعض الوحدات المدرعة والقوات الخاصة إلى المحافظات الحدودية إلی غرب وشمال غرب البلاد”، وأوضح أن هذا العمل للقوات البرية للحرس یأتي بهدف “تعزيز الوحدات المتمركزة على الحدود ومنع تسلل الفرق الارهابية التابعة للجماعات الانفصالية المتواجدة في المنطقة الشمالية من العراق”.
وقبل ذلك غرّد ناشط إعلامي للنظام بقوله: “بدأ العد التنازلي للهجوم البري على مقرات الإرهابيين الانفصاليين في إقليم كوردستان”.
ومع ذلك، وعلى الرغم من الوعد والوعید والترهیب والتهديد، فإن نظام الملالي ليس في موقع جيد للمغامرات الخارجية.
في الخطوة الأولى، وفي وقت یواجه فیه النظام مشکلة كل يوم أكثر من اليوم السابق في حجم القوة التي يمكن تخصيصها لقمع الانتفاضة في 258 مدينة في البلاد، وخاصة المدن الغربية في كردستان، فليس من الواضح کمیة القوات التي باستطاعته توفیرها لهذا الهجوم المحتمل.
لا ينبغي أن ننسى أن النظام يواجه مشکلة انحلال القوات داخل قوات الحرس والباسيج وأجهزته القمعية الأخرى. وقد امتدت هذه العملیة باعتبارها مشكلة منتشرة إلى منابر الجمعة. وحاول أحمد علم الهدی، إمام مشهد الجمعة، وهو أيضًا والد زوجة الرئيس الحالي للنظام، إبراهيم رئيسي، أن ينظّر السقوط باعتباره أمرًا إلهيًا (!) حیث قال: “في الأساس، مسألة السقوط في المجتمع الديني مبدأ محدد للجوهر المقدس”.
في الخطوة التالية، لا يتضح في موازين القوى الحالية، وعلى الرغم من محاولات قاآني دقّ الأسفین بین القوی العراقیة وتهديدات الخبراء الرسميين وغير الرسميين، ما مدى استعداد العراقیین في بغداد وفي إقلیم کردستان العراقیة للإصغاء إلی نظام الملالي.
وحاول قاآني خلال رحلته الضغط على العراق وإيجاد مبرر لهجمات النظام الصاروخية على الجماعات الكردية المتمركزة في الإقلیم. لكن يبدو أن الضغوط لم تحقق النتيجة المرجوة للملالي، حیث أعلنوا في تلفزيونهم الرسمي يوم الخميس الماضي، ونقلا عن خبير غير رسمي: «الجمهورية الإسلامية جادة في إنذارها هذه المرة والحكومة المركزية في العراق تعرف ذلك. وبالنظر إلى انتشار وحدات الحرس الثوري الإيراني وراء حدود المنطقة الشمالية بالعراق، فإنهم يعلمون أنهم إذا لم يسمحوا بنشر هذه القوات، فقد تدخل القوات الإيرانية في العمل وحتى تصل إلى أربيل نفسها… نود ألا يصل العمل إلى هناك بإذن الله وأن يحل الموضوع من خلال الحكومة المركزية العراقية نفسها».
إن التجاوب مع الضغوط المفروضة على المنظمات الكردية الإيرانية المتمركزة في المنطقة لا يعتبر شرفًا لـ السلطات الاقليمية او الحكومة العراقية، وفی وقت يكون فيه نظام الملالي موضوع جلسة خاصة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لقمعه الوحشي لمظاهرات أبنائه. نتيجة لذلك، هناك احتمال ألا یکون للتهديد والترهيب مفعولاً علی الأرض. في هذه الحالة، قد يغري النظام، كما ينذر، بعبور الحدود وتفعيل الأزمة الخارجية، بهدف التستر على الانتفاضة الداخلية.
إن استعراض العضلات في الخارج و”الانتصار” من شأنه أن یکون له تأثير إيجابي على المعنويات الضعيفة للقوى القمعية للنظام. لكن حتى “الانتصار” الخارجي لن يكون له تأثير يذكر على إرادة المتظاهرين داخل إیران وعلی وحدات المقاومة الثوریة. نتيجة لذلك، لن يطرأ تغيير كبير على الوضع الحرج للنظام.
لا شك في أنه بناءً على جميع التحليلات الداخلية والخارجية، یواجه خامنئي ونظامه أكبر مشكلة في حقبة حکمه، والتي لا حل لدیه لها. وكان لخطاب خامنئي الموجه لقوات الباسيج يوم السبت نفس الموضوع. من ناحية أخرى، يحاول النظام في دعايته، تصوير أبعاد المشاركين في الانتفاضة على أنهم شريحة صغيرة من المجتمع الإيراني، حتى لا تقلّل من خوف قواته من الانتفاضة. لكن من ناحية أخرى، كتبت صحف النظام يوم الخميس 24 تشرين الثاني (نوفمبر)، أن هذه الانتفاضة تحظى بدعم “عشرات الملايين” من أبناء الشعب الإيراني. وتظهر إحصائيات واستطلاعات أخرى أن حوالي 80٪ من الشعب الإيراني مع الثورة. وبهذه الطريقة، وبالنظر إلى المأزق، فليس من المستبعد أن يسعى نظام ولاية الفقيه إلى هجوم خارجي.
لكن من ناحية أخرى، فإن الفشل المحتمل في مثل هذا الهجوم البري على إقليم كوردستان، بالنظر إلى وجود العديد من الجهات الفاعلة الدولية، يمكن أن يكون له تأثير مدمر وحتى قاتل على النظام بأكمله.
عواقب الغزو البري لإقليم كوردستان والعراق ليست واضحة على الإطلاق. ومشاكل الملالي الأخيرة في سوريا والعراق ولبنان لا تخفى على أحد. نتيجة لذلك، لا يمكن لأحد أن يتوقع أو يضمن نتائج مثل هذا الهجوم.
هل تستطيع الفاشیة الحاکمة في إیران والمتورطة حتی العظم في انتفاضة شعبیة وعدم وجود القوات الکافیة أن تصمد أمام تمرد في القوات المسلحة مثل تمرد بحارة “المدمرة بوتمكين” في تحفة سرجي آیزنشتاين؟