تظاهرات المتقاعدين ومحاولة فاشلة لخداع المتقاعدين – لعدة أسباب، يعيها النظام الإيراني جيدًا، يظهر دخول تظاهرات المتقاعدين في المدن الإيرانية يومها الثامن على التوالي للمطالبة بحقوقهم الضائعة، عمق الأزمة التي يواجهها نظام ولاية الفقيه مع المجتمع الإيراني الذي يغلي بفعل واقعه المعيشي.
تدلل الشعارات التي تستهدف رئيس نظام النهب والجريمة على الظروف المتفجرة في المجتمع الإيراني والاستعداد الثوري الذي يعبر عن إرادة جميع أطياف الشعب الإيراني الإطاحة بالنظام.
لايخفي على النظام ايضا مكانة المتقاعدين في المجتمع الإيراني، من حيث حجم الشريحة التي يمثلونها، التي يقارب عدد أفرادها 4 ملايين نسمة، ومع أسرهم يقترب العدد من 16 مليونًا من سكان البلاد، وتبلغ نسبتهم 20 ٪ من السكان، لكن تعاطيه مع مطالب هذه الشريحة لا يوحي باستعداده للتجاوب معها.
ينقسم المتقاعدون بين متقاعدي الضمان الاجتماعي والمتقاعدين الحكوميين والعسكريين؛ تم خصم جزء من رواتبهم الشهرية، أثناء العمل، بشكل منتظم، لمدة 30 عامًا على الأقل، تراكمت الموجودات ليتم السداد عند التقاعد، كما يحدث في جميع أنحاء العالم، الفارق بين ما جرى في إيران وما يجري في بلاد أخرى أن صناديق التقاعد التي يتراوح عددها من 20 إلى 22 صندوقا تعرضت للنهب الممنهج تحت يافطة الاقتراض الداخلي، ولم تتم إعادتها إلى الصناديق، وفي بعض الأحيان احيلت الشركات المملوكة للدولة والخاسرة إلى الصندوق، ليتم نهب المتقاعدين مرتين.
وتعاملت الحكومة بعدم مسؤولية عند إطلاق وعودها بزيادة المعاشات التقاعدية ،حيث كان وعد الزيادة بنسبة 38٪ ثم تراجع الوعد للإعلان عن زيادة بنسبة 10٪ الأمر الذي لا يتناسب مع معدل التضخم المعلن الذي يصل 44٪ .
شارك مجلس الشورى في عملية الخداع التي مارستها الحكومة، ففي جلسة مغلقة وصف مؤسسة الضمان الاجتماعي بأنها غير حكومية، يجب عليها بحسب القانون، اتخاذ قرار حول حقوق المتقاعدين، مما يعني تبرئة حكومة رئيسي من المسؤولية، دون أية اشارة إلى المسؤولية القانونية التي تقع على حكومات الولي الفقيه، عندما تضع يدها حتى المرفق في صناديق التقاعد ومؤسسة الضمان الاجتماعي وتدمرها بالكامل.
الواضح أن هذه التبريرات وتصريحات المتحدث باسم الحكومة علي بهادري جهرمي لم تكن مقنعة، حيث نصح “المتقاعدون الأعزاء” بمكاتبة رئيس الجمهورية إذا كانت لديهم مطلب بدلاً من اتباع طرق أخرى.
أدرك المتقاعدون الواعون، مثلما أدركت جميع فئات الشعب الإيراني، حقيقة أن النظام لا يفهم غير لغة القوة، ولا يمكن الوصول إلى الحقوق إلا عبر الشارع، كان ذلك واضحًا في هتافهم “يا رئيسي، قاليباف”هذه هي الرسالة الأخيرة، حركة المتقاعدين جاهزة للنهوض.