الکاتب – موقع المجلس:
لن تجد في أي مكان بالعالم دولة مثل إيران المغتصبة التي أصبح شعبها مسيسا في توفير الماء والخبز وضروريات كفاف الحياة، والاقتصاد في إيران الملالي هو المحرك الذهني للشعب الإيراني لفهم الوضع السياسي لبلادهم تحت هيمنة سلطة القرون الوسطى الشمولية البدائية.
يُعد إرسال الأطفال قسرا للعمل في الشوارع من قبل الأمهات والآباء جزءا من تدفق العمل في اقتصاد العائلات الفقيرة المعدمة بإيران الملالي، ويبلغ عدد تلك الفئة من العائلات حوالي 60٪ من سكان إيران، وقد انتشر مقطع فيديو على الشبكات الافتراضية في هذا السياق يوضح أن ”إلناز“ الطفلة الصغيرة ذات الـ 7 أعوام، وشقيقها ”إلياس“ ذي الـ 10 أعوام يبيعان العلكة في الشوارع للإسهام في توفير الطعام لأسرتهما، وفي فيديو مروع آخر يتم تداوله يوضح أن أكبر رغبة وأمنية لطفلة ايرانية صغيرة السن هي تناول الفاكهة.
في إيران الملالي، تقوم الحياة على الرغبات بالحاجات الطبيعية التي يتمناها البشر في ذات نفسه لكن لا يمكنه الوصول إليها في بعض الأحيان فيضطر إلى كبح رغباته وإلغاء احتياجاته، وينتقل من وسط المدن إلى الضواحي والأحياء الفقيرة والعشوائيات، وهذه هي الطريقة التي تدفع بها السياسات الإقتصادية الناهبة المتوالية للنظام في إيران المنكوبة بالملالي، ولا يتوقف الأمر عند حد الوصول الى ما دون خط الفقر المعيشي بل تصل أيضا إلى ما دون الفقر الثقافي والاجتماعي حيث تنحدر ثقافة ونمطية المحاكاة الإجتماعية التقليدية المتعارف عليها لتحل محلها ثقافة ونمطية محاكاة الأحياء الفقيرة المهمشة، وفي مثل هذا الاتجاه المتنامي يصبح اقتصاد الأسرة قلصًا وأشد تقليص، وتصبح الأخلاق الاجتماعية أضعف وأضعف، كما أصيب روح المجتمع بأضرار.
مع تسارع مسار انحدار الموت الاقتصادي باتت وسائل الإعلام التي تديرها الدولة عرضا أو معرضا لتقديم التقارير الإجرامية، لكنها ليست إجرامية بالمعنى المتعارف عليه الذي سمعناه أو قرأناه إنها أكثر إجرامية وكمثال:
” بلغ الحد الأدنى لتكلفة سلة معيشة العمال الشهرية 11 مليون و 500 ألف تومان شهريا هذا العام”(صحيفة همدلي الحكومية 2 ديسمبر 2022).
لقد عرفنا جرائم تلحق الضرر أو تدمر الأرواح والأجساد البشرية، ولكن في إيران الملالي لم تعد للحياة قيمة بحيث تصبح الجريمة أدنى من مقاييس تردي الحياة؟ وما يجري في إيران هو تثمين وتفضيل الموت على الحياة! وانظروا “السقوط الحر للحياة”:
و”وفقا للإحصاءات فقد أكثر من مليون شخص من الفقراء وظائفهم، وكثير من هؤلاء الفقراء ليس لديهم تأمين ضد البطالة أيضا، وهنا يكون قد تم إثبات السقوط الحر للحياة مقابل تكلفة المعيشة للجميع”(المصدر نفسه).
“تحت خط الفقر” الذي لم يكن متخيلا ولا يتناسب مع منطق العقل في إيران المنكوبة بالملالي بالحياة ويلهثون ورائها أكثر وأكثر من الموت وبشكل خارج حدود الدهشة والوصف، من أجل رفع ذروة إحصائيات “خط الفقر” إلى أعلى مستوياتها لتعويد وتطبيع عيون الناس وحواسهم على وجود العدم، وهذه هي الطريقة التي يتضخم بها التضخم عاما بعد عام، ويزداد بها خط الفقر بشكل مستمر:
“ لقد تجاوز معدل التضخم نسبة الـ 45٪ لكن الأجور هي نفسها كما كانت محددة…، وفي سنة 2020 كان حوالي 26 مليون إيراني يعانون تحت خط الفقر؛ أي بمعدل واحد من كل ثلاثة أشخاص، وقد نمت هذه الإحصائية بشكل ملفت للنظر بين عامي 2021 و 2022 ”(المصدر نفسه).
هذه بعض جوانب المشهد الوطني الذي قام فيه اقتصاد حكومة الملالي على تسييس جماهير الشعب، تسييسه بمعنى فهم جذور الموت الاقتصادي والموت الأخلاقي بالانتقال من مراكز المدن إلى الضواحي لنشر ثقافة قتل الحياة وقتل النخبة، هؤلاء أناس مسيسون هدفهم، حتى في حالة الموت السريع للاقتصاد، يجب حسم نظام الملالي وهذه هي دورة توازن القوى اليومية بين المجتمع وحكم ولاية الفقيه.