بقلم: الكاتبة سعاد عزيز
الضحايا في مواجهة جلادهم- سعاد عزيز -ليس هناك من وصف يمکن أن نصف به المٶتمر الدولي الذي إنعقد بمشارکة حوالي 2000 نقطة حول العالم وبحضور ومشارکة أکثر من 100 سجين سياسي وشخصيات سياسية وحقوقية مرموقة، سوى مٶتمر”الضحايا في مواجهة جلادهم”، ولکن هذه المواجهة ليس کالسابق عندما کانوا هٶلاء الضحايا مکبلين ويقف الجلاد بعنجهية وخيلاء فوق رٶوسهم، بل إنهم يقفون بکل شموخ وإباء في مواجهة جلاديهم الذين يعملون المستحيل من أجل الهروب من تبعات وآثار جريمتهم والتخلص منها.
في هذا المٶتمر الذي بادر فيه الضحايا الى إماطة اللثام عن تلك الايام الرهيبة التي قضوها في صيف عام 1988، حيث کانت ماکنة الموت الدموية لرجال الدين المتشددين في طهران تعمل على قدم وساق من أجل إبادة أکثر من 30 ألف سجين سياسي، وقد تناقلت وسائل الاعلام العالمية تقارير عن تلك اللحظات العصيبة وماکان يقوم به جلادي النظام الايراني في غياهب السجون المظلمة بحق هٶلاء الضحايا وأقرانهم الذين دفعوا ضريبة باهضة لمجرد إنهم يحملون أفکارا ومبادئ تٶمن بالحرية وترفض الاستبداد والدکتاتورية، ولاريب من إن ذلك قد فضح النظام الايراني وعراه أمام العالم.
لم يطالب الضحايا بمحاسبة ومحاکمة قادة ومسٶولي النظام الايراني فقط، بل إن المشارکين من الساسة والحقوقيين قد طالبوا أيضا بضرورة فتح ملف هذه المجزرة وتشکيل لجنة تحقيق محايدة بشأنها، وحتى إنهم قد إنتقدوا الموقف الدولي من تلك المجزرة وطالبوا بتصحيحه من خلال فتح ملف المجزرة، وقد کان کومي نايدو، الامين العام السابق لمنظمة العفو الدولية، واضحا وصريحا عندما تکلم بهذا الصدد أمام هذا المٶتمر قائلا:” يجب إعادة النظر في سياسة الاتحاد الأوروبي المتبعة تجاه إيران ، مع الأخذ في الاعتبار حقيقة أن الحكومة الحالية تتميز بدرجة أعلى من الإجرام نظرا إلى دورها الرئيسي في مجازر وكوارث سنة 1988.” خصوصا وإنه قد قال قبل ذلك وهو يوضح بشاعة الجريمة:” ودعوني أوضح أن ما حدث عام 1988 كان مجزرة وحشية ودموية تماما للسجناء السياسيين وهي جريمة ضد الإنسانية وإذا أشرنا إلى التعريف الذي قدمه المتحدث السابق وتجاهلنا تفاصيله الفنية فهو إبادة جماعية.”، والملفت للنظر إن نايدو لم يقف عند هذا الحد بل إنه قد أوضح بضرورة محاسبة الحکومة الايرانية لأنها وعوضا عن حماية السجناء قامت بتصفيتم حينما قال:” أريد أن أفكر هنا لأوضح مسألة كيف أمكن للحكومات أن تبقى محصنة من المحاسبة على جرائم مثل مجزرة سنة 1988، ففي كثير من الأحيان نعتقد أن الحكومات تسيطر علينا، ويتم ذلك بشكل أساسي من خلال استخدام أجهزة الدولة ذات المنهجية القمعية كالجيش والشرطة والقوانين الرسمية ونظام السجون وما إلى ذلك.”، ومهما يکن فإن الذي يمکن إستشفافه وإستخلاصه هناك جهود مستمرة ومتواصلة من أجل متابعة هذه المجزرة وفتح ملفها وملاحقة مرتکبيها وإلقاء القبض عليهم ومحاکمتهم کما جرى لسلوبودان ميلوسوفيتش ورادوفان کارادوفيتش.