السيدة مريم رجوي
وجهت السيدة مريم رجوي الرئيسة المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية رسالة الى مؤتمر دولي بحضور أكثر من 1000 سجين سياسي سابق، الذي عقد اليوم 27 أغسطس/اب 2020 وناقش المؤتمر مجزرة عام 1988 في إيران. وفي صيف عام 1988 تم إعدام اكثر من 30 الف من السجناء السياسيين الإيرانيين 90% منهم من مجاهدي خلق بأمر من خميني.
وفيما يلي نص الرسالة للسيدة مريم رجوي:
أيها الأصدقاء الكرام!
أخواتي إخوتي!
أحيّيكم وأرحّب بكم وبالمشاركين في هذا المؤتمر من الشخصيات السياسية والحقوقيين والنواب المحترمين والمدافعين عن حقوق الإنسان.
قبل 33 عامًا، في صيف عام 1988، تم إعدام 30 ألف سجين سياسي، 90 بالمائة منهم من أنصار مجاهدي خلق، وذلک بعد فتوى أصدرها خميني بإعدام جميع المجاهدين المتمسكين بمواقفهم.
وسرعان ما امتدّت موجة إراقة الدماء إلى السجناء الآخرين.
اليوم، 27 أغسطس يذكّرنا، وفقًا للعديد من الوثائق والتقارير، بحادث وقع قبل 33 عامًا، ، بإعدام المناضلين الماركسيين والأكراد، بمن فيهم أعضاء الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني وكوملة ومنظمة خبات في كردستان الإيرانية. ونقف إجلالاً وإكراماً أمام شهداء حرية إيران، من الذین لا تزال هویات الکثیر منهم بقیت مجهولة.
المقاومة في السجون في أصعب الظروف
لكننا نشهد اليوم اجتماعًا استثنائيًا لم يسبق له مثيل في تاريخ نضالات الشعوب من أجل حقوق الإنسان ومقاضاة المتورطين في إراقة دماء الأبریاء.
في تجمع اليوم يشارك ألف من السجناء السياسيين الذين تم تعذيبهم في نظامي الملالي والشاه وهم حاضرون في أشرف الثالث، وتشكل أخواتنا المجاهدات حوالي 25٪ منهم. کما أن عددا کبیرا من السجناء السیاسیین السابقین معنا في بلدان مختلفة.
كان العديد من هؤلاء الأخوات والإخوان شهودًا عیانًا على عمليات الإعدام الکثیرة في ثمانينات القرن الماضي ومذبحة السجناء السياسيين في عام 1988. إنهم نجوا من قمع دموي شامل أودی بحیاة حوالي 120 ألف شهيد.
أراد نظام الملالي أن یبطش ويقضي على كل عضو ونصیر لمجاهدي خلق بالنار والحديد والتعذيب. وجرّب كل الأساليب الشيطانية البشعة اللاإنسانية.
ومارس النظام في ما يسمى بـ “الوحدات السكنية” أبشع أشكال التعذيب بالنساء المجاهدات. وَوَضعهنّ في أقفاص على شكل قرفصات لأسابيع وشهور لكسر روح الصمود لديهن.
أخيرًا، في صيف 1988، وضعوهن أمام خيارين: الاستسلام مع إنكار الولاء لمجاهدي خلق أو إعدامهنّ.
لكن الجيل الذي اختار هذا الدرب باسم مسعود رجوي وشوقه للحریة، وقف في السجن وتحت التعذيب صامدا وتحمّل أصعب الظروف، وعندما واجه الاختيار بين الاستسلام والإعدام، وقف ببطولة متمسكا بمواقفه المتمثلة في إسقاط نظام الحكم والحرية للشعب.
وأثبت السجناء المجاهدون الشجعان أن مقاومتهم، ولو كانت أيديهم مقيدة ومتروكين في زوايا السجون، هي المعركة نفسها من أجل إسقاط النظام. وهي معركة يركع خلالها الجلّاد أمام عزم السّجين.
واستشهد بعض من هؤلاء السجناء السابقین من المجاهدین فيما بعد في عمليات جيش التحرير أو في هجمات وعمليات القصف بالصواريخ شنّها النظام على أشرف وليبرتي.
وكان من بينهم القائدة “زهرة قائمي” التي قضت خمس سنوات في السجن، و”بوران نجفي” التي كتبت مذكراتها عن خمس سنوات في الأسر في كتاب بعنوان “رحلة رفاق الدرب”، وإلى “حسين سرو آزاد” الذي كان شاهدا من شهود مجزرة عام 1988، و”علي رضا طاهرلو” الذين قضى كل منهم قرابة عشر سنوات في السجن. وكانت جريمتهم هي التمسك بمواقفهم على نفس المثل الأعلى للحرية، وقضية مجاهدي خلق الإيرانية.
هدف النظام القضاء علی جیل وفکر
أيها الأصدقاء الكرام،
على مدى سنوات، قدمت المقاومة الإيرانية، في ظل ظروف القمع المطلق، للهيئات الدولية، وثائق وأدلة على التعذيب الوحشي الذي يمارسه النظام في سجونه. وأدلى سجناء سابقون بشهاداتهم أمام المجتمع الدولي مراراً وتكراراً، وعرضوا أقدامهم الجریحة بسبب الضرب المميت المتواصل بالكابلات الكهربائية.
في مذبحة عام 1988 قدمت المقاومة الإيرانية معلومات عن الإعدامات الجماعية للأمم المتحدة منذ البداية. لكنها، للأسف، اختارت غضّ الطرف عن هذه الجرائم. قبل بضعة أشهر، ذكر سبعة من مقرري الأمم المتحدة أن تقاعس الأمم المتحدة عن مذبحة عام 1988 أدى إلى تشجيع النظام الإيراني وتفاقم انتهاکات حقوق الإنسان في إيران.
أيها الأصدقاء الاعزاء!
إن مذبحة 1988 نموذج واضح لجریمة الإبادة البشرية. تنص فتوى خميني صراحة على إعدام جميع المجاهدين المتمسكين بمواقفهم.
في وقت سابق،في عام 1980، كتب حاكم الشرع المعين من قبل خميني في مدينة بم بمحافظة كرمان في حكمه أن المجاهدين،وبأمر من خميني، “لا يستحقون الاحترام المالي،وحتى لا يستحقون حق الحياة “.
قال إبراهيم رئيسي، الرئيس الحالي للنظام، أيضًا في ديسمبر 2009 أن جميع المجاهدين محاربون ويحكم عليهم بالإعدام.
وصرح المعمم جنتي، رئيس مجلس صيانة الدستور: “يجب استئصال [المجاهدين] من أجل بقاء جذور النظام”.
و المعمم بور محمدي، أحد أعضاء فرقة الموت، صرّح قبل عامين في أغسطس 2019: “لم نصل بعد إلى وقت تصفية الحساب مع مجاهدي خلق. لقد حان الوقت لتصفية الحساب. واليوم، المنافقون هم أكثر الأعداء خيانة … ويجب أن يجيبوا، يجب أن يتم تقديمهم إلى طاولة المحكمة ويجب أن نحاسب كل واحد منهم.”
لذلك، فإن هدف النظام غالبًا ما يتجاوز إعدام عدة آلاف، بل يهدف إلى تدمير جيل، وتدمير الفکر والقضاء على رجال ونساء رفضوا رجعية الملالي باسم الإسلام ونهضوا من أجل الدفاع عن الحرية وكرامة الإنسان.
إنهم رجال ونساء يؤمنون بالتأكيد بالإسلام، لكنهم يلتزمون بفصل الدين عن الدولة، ويضحّون بكل شيء لديهم، بسبب إیمانهم بالحرية والمساواة بين جميع الأفراد، بغض النظر عن الجنسية أو العقيدة أو الدين. هذه هي الصورة والأداء الذي سار عليه المجاهدون خلال 56 سنة الماضية.
أيها الأصدقاء،
إن صمود المجاهدين المتمسكين بموقفهم وشجاعتهم المذهلة بوجه سفّاحي لجان الموت تنطوي علی العديد من القصص غير المروية.
ومن هذا المنطلق، فإن حشد ألف مجاهد من السجناء السابقین هو رأس مال لا مثيل له لحركة المقاضاة وحركة المقاومة لإسقاط النظام.
حقيقة أن مثل هذه المجموعة الكبيرة القيّمة من الشهود على جرائم النظام والتي تمكنت من التجمع في قلب حركة ثورية، تحمل الحديث الكثير عن الواقع الاجتماعي العظيم. إنهم وعلى مدى السنوات الـ 33 الماضية، استمروا في دفع حركة المقاضاة من خلال تواجدهم النضالي والفعال في الکفاح ضد نظام ولاية الفقيه.
هذا التجمع الاستثنائي يشكل قمة هرم عظيم في المجتمع الإيراني، يضم مئات الآلاف من المسجونين والمعذبين، وعائلات 120 ألف شهيد سقطوا على درب الحرية.
جنبًا إلى جنب مع رفاقهم في أشرف الثالث، لديهم يزيد أعمارهم النضالي عن 100000 عام من السوابق النضالية والتنظيمية المحترفة ويشكلون القلب النابض للمقاومة المنظمة للشعب الإيراني، والتي تعد من ناحية أهم عامل مزعزع لأركان النظام وعدم الاستقرار له في العقود الماضية، ومن ناحية أخرى تعد ضمانا لإسقاط النظام وتحقيق مستقبل لدولة ديمقراطية في إيران الغد الحرة.
هذه المجموعة السياسية والاجتماعية الكبيرة تذكر دائمًا بوجود بحر من الدماء بين المجتمع الإيراني والنظام الحاكم وهي العامل الأهم في تقويض شرعية النظام.
الآن يمكننا أن نشاهد القضية والاصطفاف السياسي في إيران اليوم والاطراف المتواجدة في صفوف الخصمين والتي يفصل بينهما بحر من الدم. وبحسب زعيم المقاومة مسعود رجوي، منذ 20 يونيو 1981، لم يعد هناك أكثر من قطبين: جبهة الشعب والمقاومة والحرية ضد الجبهات الرجعية والديكتاتورية ونظام المجازر وسفاح مجزرة عام 1988 في مقام رئاسة النظام.
هذه علامة لإعلان معركة علنية ضد النظام مدعومة من الشعب ومجاهدي خلق في قلب جيش الحرية العظيم للشعب الإيراني.
حرکة المقاضاة حرکة قویة
أيها الأصدقاء الكرام!
إن حركة المقاضاة، وصفوفها اللامتناهية من مناضليها وشهدائها، ليست ظاهرة وليدة الساعة.
في سبتمبر 1988، كتب زعيم المقاومة إلى الأمين العام للأمم المتحدة: “وفقًا لمعلومات موثوقة، أمر خميني بخط يده قبل بضعة أسابيع بإعدام سجناء سياسيين من منظمة مجاهدي خلق“.
وتقدمت هذه الحركة القوية على مدى العقود الثلاثة الماضية بفضل إقامة آلاف المؤتمرات التنويرية، ونشر العديد من الكتب، وآلاف المظاهرات، والمسيرات، والمعارض، والاعتصامات، والتحقيقات والبحوث القانونية، وإقامة المحاكمات الشعبية لإدلاء الشهود على المجازر بشهاداتهم.
مسيرات ومظاهرات الإيرانيين الأحرار وأنصار المقاومة الصامدين أمام محكمة ستوكهولم هذه الأيام شعاع آخر لحركة المقاضاة.
بمثل هذه الإرادة النضالية، فإن كأس سم حقوق الإنسان ينتظر خامنئي ولا سبيل للخروج منه.
أوجّه تحياتي إلى كل واحد منكم أيها الأخوات والأخوة الحاضرين في هذا التجمع ولكل أنصار حركة المقاضاة والمناصرين لها داخل إيران وخارجها!
إزالة هویة قتلی مجزرة عام 1988
أخواتي، إخوتي،
بالنسبة لنا، المقاضاة مرادفة للصمود والدفاع عن الموقف والمقاومة الكاملة من أجل إسقاط النظام وتحقیق الحرية. لهذا السبب بالتحديد، فإن إنكار المجزرة أو التقليل من عدد الشهداء وإزالة هويتهم هو ما يريده النظام ويخدمه وفي النهاية يصب من أجل بقاء هذا النظام. إخفاء الأسماء وتدمير مقابر الشهداء يأتي لتحقيق هذا الهدف.
انتقد خميني في رسالته لعزل منتظري وخاطبه بأن “المنافقين أوصلوا الإعدامات إلى آلاف مؤلفة عن لسانكم وقلمكم”
عندما نتحدث عن نزع هوية شهداء المجزرة، فهي ليست بأي حال من الأحوال نزاعًا فئویاً أو حزبيًا. بل جوهر الأمر أن نزع هوية المجاهدين القتلى هو أهم خطوة لتحقيق هدف النظام الرجعي للقضاء على نفس الموقف والحد الذي رسمه هؤلاء الشهداء.
من منا لا يعلم أن موقفهم الثابت هو الموت لخميني، وعاشت الحرية والتحية لمسعود؟ نفس المسار الذي يدفعه المجاهدون المتمسكون بمواقفهم اليوم.
كيف يمكن للمرء أن يريد تدمير المجاهدين وتحطيم مواقفهم وقيمهم وحدودهم الحمراء والقضاء على زعيم المقاومة، ويصف نفسه متعاطفا مع الشهداء؟ هذا هراء وخدعة مخابرات الملالي وقوات الحرس من أجل تشويه وتحريف حركة المقاضاة أو عدم فاعليتها وتأثيرها. أكثر من 100 سجين سياسي في عهد الشاه، وهم من بين أعلى الرصيد النضالي للشعب الإيراني، مع 1500 سجين سابق في عهد الملالي، جربوا وفضحوا حيل عناصر السافاك والمخابرات.
لا أحد ينخدع بعد الآن.
خاصة وأن أبناء شعبنا ما زالوا متألمين بسبب ما لا يقل عن 1500 شاب استشهدوا في انتفاضة نوفمبر 2019 على يد الحرس ومخابرات النظام.
خاصة وأن مجتمعنا غاضب ومتألم بسبب أرواح حوالي 400 ألف مواطن توفوا جراء كورونا. لا يخفى على أحد دور خامنئي الإجرامي في معارضة شراء اللقاح.
بالمقابل يعلم الجميع أن المقاومة الإيرانية هي التي أعلنت منذ البداية عن الاستراتيجية الكبرى لوقوع أكبر قدر من الخسائر البشرية وجعل الناس دروعا بشرية من خلال زجهم بأتون كورونا لحماية النظام من خطر الانتفاضة والسقوط، مثل استراتيجية إلحاق خسائر بشرية في الحرب الإيرانية العراقية ومثل مذبحة السجناء السياسيين بهدف الحفاظ على النظام المتجرع كأس السم.
يا أنصار المقاومة،
أيها الأبطال من الرجال والنساء الذين لبيتم دعوة المقاومة بأي ثمن، وأعلنتم استعدادكم لجيش الحرية في المرحلة الخامسة،
عندما كان الشاه يعذب ويقتل السجناء خلف الجدران العالية للسجون أو علی تلال إيفين، لم يكن يعتقد أن عاصفة انتفاضات وشيكة تقوّض حكمه بشعار ليطلق سراح السجناء السیاسیین. كما لم يعتقد خميني وخامنئي وشركاؤهما، الذين كانوا قتلوا آلاف السجناء على يد جلادين مثل رئيسي، أنه في يوم من الأيام ستقام حركة قوية ضد نظام ولاية الفقيه لمقاضاة المتورطين في مجزرة عام 1988 ونوفمبر 2019.
تشكيل لجنة دولية للتحقيق في مذبحة عام 1988
وهنا أوجّه تحياتي لجميع الشخصيات الدولية والمدافعين عن حقوق الإنسان الذين خرجوا دفاعًا عن ضحایا المجازر، وخاصة أخي طاهر بومدرة مسؤول حقوق الإنسان للأمم المتحدة في العراق (يونامي) والمدير الحالي لعدالة ضحايا مجزرة عام 1988 في إيران. وكذلك نشطاء حقوق الإنسان من الحقوقيين البارزين، المشاركين في هذا التجمع.
إن جهود ومبادرات هؤلاء الشرفاء خدمة قيمة للإنسانية ومستقبلها.
اليوم، هناك إجماع دولي قيّم يدعو مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ومجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى تشكيل لجنة دولية للتحقيق في مذبحة عام 1988. هذا هو طلب المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحالة حقوق الإنسان في إيران ومنظمة العفو الدولية وأكثر من 150 من المدافعين البارزين عن حقوق الإنسان.
– أدعو مرة أخرى حكومات الولايات المتحدة والدول الأوروبية إلى اعتبار مذبحة 1988 في إيران إبادة بشرية وجريمة ضد الإنسانية. وعليهم ألا یستقبلوا رئيسي. يجب أن يخضع للتدقيق والمحاكمة.
– وأدعو مرة أخرى الأمين العام للأمم المتحدة والمفوضة السامية ومجلس حقوق الإنسان ومقرري الأمم المتحدة والهیآت الدولية لحقوق الإنسان إلى زيارة سجون النظام الإيراني والالتقاء بالسجناء، خاصة السجناء السياسيين.
يجب إحالة انتهاكات حقوق الإنسان في إيران، لا سيما سلوك النظام في السجون، إلى مجلس الأمن الدولي.
الذكرى الثامنة لمجزرة أشرف
أيها المواطنون!
أصدقائي الأعزاء!
بعد خمسة أيام تحل علينا الذكرى الثامنة لمجزرة أشرف في الأول من سبتمبر 2013، حيث نفذت قوة القدس الإرهابية بقيادة قاسم سليماني إعدامًا جماعيًا لـ 52 من أعضاء مجاهدي خلق واحتجزت سبعة رهائن، لا يزال مصيرهم مجهولاً.
استشهد المجاهدون في أشرف وليبرتي. لكنهم زرعوا بذور ألف أشرف ووحدات المقاومة في جميع أنحاء إيران، وهم مشاعل حرية شعبنا ووطننا.
ستشرق شمس حرية إيران من وراء الغيوم الداكنة.
نعم، إنه عهد كبير من المقاومة الإيرانية بتحويل هذه الدماء الطاهرة إلى قوة من أجل حرية إيران وتحقيق طموحاتهم بالنصر المبين، وسيتحقق الأمر بالتأكيد.
المجد للشهداء
عاشت الحرية
التحية لكم جميعا
المصدر: موقع مريم رجوي