حدیث الیوم:
انطلق المشهد الثاني من مناظرة الانتخابات الرئاسية الإيرانية يوم الثلاثاء 8 يونيو. على الرغم من حقيقة أن دكتاتورية خامنئي، وتحديداً مجلس صيانة الدستور، قد حذر بشدة المرشحين الكرتونيين من أنهم إذا اقتربوا من الخطوط الحمراء للنظام، وفي مقدمتها التعرج على سجل الجلاد إبراهيم رئيسي السفاح في ممارسة الإعدام والمجازر.
فسيتم استبعادهم على الفور، وعلى الرغم من أنهم طبقوا التوجيهات ولم يتجاوزوا هذا الخط الأحمر ولم يكشفوا عن شيء سوى غيض من فيض فظائع النظام الغارق حتى الأذن في الفساد والنهب، لكنه هذا التلميح العابر جدًا قد طغى وانتشرت رائحته النتنة في العالم.
الفضيحة الأولى كانت ما يسمى ببرنامج المناظرة نفسه، والذي كان يشبه أي شيء آخر سوى مناظرة انتخابية رئاسية! ووصف عضو في مجلس شورى النظام الجولة الأولى من المهزلة بأنه ليس “مناظرة” بل “تبادل السب”، وسخرت من ذلك شخصيات ووسائل إعلام أخرى من النظام كل على حدة.
أحدهم وصفه بأنه “اختبار الذكاء” والآخر وصفه بأنه “مشابه لاختبارات التوظيف للإدارات الحكومية … وإظهار” الوصم والافتراء والغوغائية “(صحيفة فرهيختكان – 7 يونيو)
كما وصفت صحيفة أخرى بأنهم “طلاب الطبقة المتوسطة الدنيا الذين لم يتم ترتيبهم بشكل جيد لمسابقة كبيرة” (صحيفة مستقل – 8 يونيو).
يقال أن المصيبة هي عندما يبكي غسال الموتى على الميت، ولكن ما يمكن قوله في هذا العزاء الذي وصفه لاعبو الأدوار أنفسهم بعبارات مماثلة واعترفوا بأنها غير فعالة:
وقال زاكاني: “الجوكرية والتهميش ليس لها تأثير في جذب انتباه الآخرين”.
مهر علي زاده: يقول الناس: “هؤلاء حالهم حال السابقين، يقطعون وعودا ثم ينصرفون”.
وقال رضائي مخاطبًا الناس: “مشاكلكم لن تحل بكلمات فارغة وممارسة الشعبوية”.
اعترف زاكاني: “ما أن يحل موعد الانتخابات، نتذكر النساء والمضطهدين والمحرومين والعتالين”!
همتي: “60٪ من الشباب يقولون إننا لن نصوت”.
غيض من فيض الفساد والخراب
اعترافات المرشحين عن النظام وفساده ودماره صادمة حقًا:
همتي: “الجماعات الفاسدة والريعية جاثمة على جسد اقتصاد وثقافة المجتمع. لديهم علاقات واسعة للغاية في مجال الاستيراد والتصدير، ولديهم صلات واسعة بمصادر غسيل الأموال والتهريب”.
زاكاني: مسؤولو النظام لديهم طابع أرستقراطي. انهم جاثمون على جسد اقتصاد البلاد منذ ثلاثة عقود.
زاكاني: تم القبض على 26 جاسوسًا في حكومة روحاني، وهي الحكومة الأكثر أمنية في التاريخ.
زاكاني: “في اليوم السابق لانتهاء العطلة، سيتم تحويل 1200 مليار تومان من بنك مملوك للدولة إلى بنك خاص تحت إشراف السيد همتي”.
همتي: “20٪ في السنة تعادل 16 مليار دولار من الأرباح للشركات الرابحة من العقوبات”.
رضائي: 137 مليار دولار من أموال الحكومة ذهبت إلى جيوب بعض الناس.
عثرات الانتخابات للولي الفقيه
ما ورد أعلاه كان جزءًا من الاعترافات الجماعية لممثلي السيرك أثناء عرض المناظرة، وهي مجرد غيض من فيض؛ وهنا يتبادر في الذهن سؤال عن سبب قيام زعيم النظام خامنئي نفسه بفتح مثل هذه الصفحة بحيث تكون نتائجها الكشف عن مزيد من الفضيحة والفساد للنظام، وكشف الأزمة الداخلية وتفاقمها، الأمر الذي يزيد حتماً من خطر الانفجار الاجتماعي.
لا بد من البحث عن الإجابة في الاضطرار والتناقضات التي يعيشها الاستبداد المطلق الذي سرق قيادة ثورة عظيمة، ثورة الشعب الإيراني المناهضة للشاه. الآن، يشير بعض أعضاء النظام صراحة إلى حد ما إلى حقيقة أن خميني والملالي التابعين له، الذين وصلوا إلى السلطة جراء ثورة الشعب الإيراني، لم يؤمنوا بجمهورية الشعب، واختيار الشعب وتصويتهم، وجميع آليات حكومة حديثة منذ البداية وظروف ما بعد ثورة فبراير جعلتهم يتخلون عنها حتما.
نعم هذه مأساة جماعة اغتصبت حكم المجتمع الإيراني الذي كان تاريخيا رائدا بين دول المنطقة ويريدون إخفاء هذا الاغتصاب وجعل وجودهم غير المشروع وجودا شرعيا يعتمد على الشعب.
مع هذه العروض خاصة وأن خامنئي عقد العزم على إزالة التيار المسمى الإصلاحي بإجراء عمليات جراحية لشركائه في الحكومة لوضع سفاح كالح الوجه على رئاسة نظامه، فجهوده اليائسة والمتناقضة من جهة لدفع خط الانكماش، ومن جهة أخرى محاولاته لتسخين الأجواء الباردة في الانتخابات تتحول أحيانا إلى محاولات لجلد الذات.