نصوِّت للإطاحة
الکاتب:عبدالرحمن كوركي مهابادي:
لقد فتحت انتفاضتي الإيرانيين الشاملتين في يناير 2018 ونوفمبر 2019 صفحة جديدة في وطننا العزيز لتسطرا أهدافًا جديدة. وكانت هاتين الانتفاضتين مروهنتين بتطرف المجتمع الإيراني ونضج الظروف الموضوعية. وعرَّضت هذه الراديكالية الاستبداد الديني إلى وضع جديد في ضوء ارتباطها العضوي بالحالة العقلية (للرواد الثائرين). ومن النتائج المباشرة لهذا الوضع هي الإخلال بشعوذة تسمى الانتخابات في النظام الفاشي المنتمي لولاية الفقيه. وكان هذا النظام الفاشي قادرًا خلال السنوات العديدة الماضية على إنجاح العنصر الذي يرغبه من غرفة فرز الأصوات في عملية معروفة موصى بها. وكان إجراء الانتخابات في حد ذاته في إطار هذه السلطة الفاشية يعني تأييد الاستبداد الديني وزمره المافيوزية المشكِّلة له. وأحيانًا ما كان يأتي الدور في لعبة السلطة على الزمرة المعروفة باسم الأصوليين وأحيانًا على زمرة الإصلاحيين المزيفة. وكانت هذه اللعبة تُجرى على صعيد يحدده مجلس صيانة الدستور الرجعي بقواعد وقيود محددة. وكان يُسند الدور لكل زمرة يأتي عليها الدور حسب رغبة الولي الفقيه الذي كان يعمل بشكل غير قانوني.
والجدير بالذكر أن هذه الشعوذة معرضة لخلل خطير في الوقت الراهن.
فقدان حيوية شعوذة الانتخابات؛ وأسبابه
1- لم يعد لدى الزمرة المهيمنة في السلطة، على حد تعبيرهم، القدرة على التوصل إلى اتفاق في الرأي وترشيح مرشح له القدرة على جذب المزيد من الأصوات. فالجميع يعلم جيدًا أن مرشح هذه الزمرة مطيع لخامنئي طاعة عمياء. بمعنى أوضح، يعتبر مرشح خامنئي شخصًا مكروهًا في المجتمع لدرجة أنه لن يصوت له أحد سوى الأُجراء الحكوميين الذين سيتوجهون إلى صناديق الاقتراع بموجب التعليمات وبالإكراه. والجدير بالذكر أن العنصر الوحيد المقبول في هذه الزمرة، هو إبراهيم رئيسي، أحد مرتكبي مذبحة السجناء السياسيين عام 1988، وفشل ذات مرة في القفز على كرسي رئاسة الجمهورية في هذا النظام الفاشي.
وسوف تؤدي الانتخابات المزورة إلى الرفض والمقاطعة بشكل غير مسبوق بسبب الكراهية.
2- قرأ المجتمع الإيراني الفاتحة منذ سنوات عديدة على الزمرة المغلوبة على أمرها التي استطاعت إرباك الأجواء بصنم العجل السامري للإصلاحات والتمتع بصلاحية استخدام هذه الشعودة لفترة من الوقت، وكسب الوقت من أجل عيون الاستبداد الديني؛ مثلما فعل تجاه زمرة الأصوليين. وتسعى الآن العناصر المحترقة سيئة السمعة في هذه الزمرة إلى إعادة تقديم نفسها بتقليد الاصطلاحات بشكل غير مصقول والكلمات الرئيسية الحديثة للانقلابيين، بيد أنه لا أبناء الوطن يولونهم اهتمامًا ولا تتغزل فيهم الزمرة المهيمنة. وتتمثل مهمتهم الوحيدة في الدهاء وتثبيط الهمة والانشقاق وتعليق الشموع على الشرفات الحقيرة الضعيفة لمسرحية انتخاب خامنئي.
3- تحوَّل خيار الإطاحة من حالة السرية إلى خيار لا يمكن إنكاره بفضل تطرف المجتمع نتيجة لانتفاضتين شاملتين، فضلًا عمَّا تتخذه حركة المقاومة الإيرانية و معاقل الانتفاضة من إجراءات. ويدل هذا الخيار الآن عن الرغبة في مقاطعة مسرحية الانتخابات على شكل مسيرات احتجاجية، ويتجلى في شعاري “أصوت للإطاحة” و “لن نصوت بعد اليوم، فقد سمعنا من الأكايب بما فيه الكفاية”. وتسلط الشعارات الضوء على أن استرداد الحق ليس بالأمر المستحيل ويجب الحصول عليه بالتدفق في الشوارع، وأن صناديق الاقتراع التي أوصى بها الولي الفقيه وعملية التصويت لا ترمي سوى إلى ترسيخ الاستبداد وتقوية عضد المافيا الحكومية.
الاعترف بحقيقة الإطاحة وقائمين باسقاط النظام
قال علي شكورى راد، الأمين العام لما يسمى بحزب وحدة الأمة، وهو أحد الأحزاب الإصلاحية المزيفة المتلونة:
“كان لدينا حزبين إصلاحيين في الانتخابات الرئاسية السابقة وكانا يتنافسان مع بعضهما البعض على مرشحيهما. وكان لدى البعض أيضًا مشاكل مع مبدأ ولاية الفقيه، بيد أنهم لم يقوموا بأي فعاليات لإحداث تغييرات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية وبيئية في البلاد. وانقسم المجتمع عمليًا إلى ثلاثة أقسام اعتبارًا من عام 2017، وفضلًا عن قسم الإصلاحيين والأصوليين أعلن قسم جديد عن وجوده تحت مسمى “القسم الإنقلابي”. (صحيفة “شرق”، 9 مايو 2021).
إن الإطاحة خيار تبناه مجاهدو خلق اعتبارًا من 20 يونيو 1981، ووصل إلى ما هو عليه الآن من خلال عبور تقلبات متعددة. ويعد هذا الاعتراف من جانب هذا العنصر الإصلاحي إشارة إلى الدور الفعال للحركة التي لها الآن تحركاتها وردود فعلها الخاصة في تشكيل الاحتجاجات الاجتماعية الراديكالية. أي أن استراتيجيتها قادرة على خلق انتفاضات اجتماعية واسعة النطاق وتوريط الاستبداد الديني في أزمة أكون أو لا أكون.
الإصلاحات المزيفة للحيلولة دون الإطاحة
وأدلى علي شكوري راد باعتراف آخر أهم من الأول، وهو ما يلي:
” إن جبهة الإصلاح تتحدى الانقلابيين على نحو تتبع بمقتضاه المنهج الإصلاحي لا منهج الانقلابيين. وبناءً عليه، تتحدى جبهة الإصلاح مَن يعارضون مبدأ المشاركة “. (المرجع نفسه).
ويؤيد هذا الاعتراف مواقف المقاومة الإيرانية في مواجهة الإصلاحات الوهمية. والجدير بالذكر أنه ورد في بيان المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الصادر في شهر أبريل عام 1999 بشأن معايير تمييز الإصلاحيين المزيفين من الإصلاحيين الحقيقيين: “استنادًا إلى كافة التجارب العالمية، فإن الإصلاح الحقيقي يتم بالتنسيق مع المعارضة الثورية والاعتماد على هذه القوة. والمصلح الحقيقي، يتحالف مع المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في محاربة الاستبداد الديني، وإلا فإن الادعاء الإصلاحي وانفتاح المجتمع المدني أو المطالبة به سيكون هراء وادعاء ممسكٌ بالعصا من المنتصف”.
وتعتبر هذه الوثيقة الذهبية معيارًا للانتباه إلى المحتالين الذين يطلقون على أنفسهم مسمى “الإصلاحيين”. والتحدي الأول لهم هو وضع العقبات في طريق الإطاحة، ولسخرية القدر تقتصر مهمتهم ومحلهم من الإعراب في أنهم يصارعون للتعبئة من أجل المشاركة في مسرحية انتخابات خامنئي.
والحقيقة هي أنه لن تكن هناك مشاركة في مسرحية الانتخابات. فالمقاطعة الحاسمة لانتخابات هذا النظام الفاشي المزيفة هي وجه العملة الآخر لرغبة المجتمع الإيراني الجامحة في الإطاحة بنظام ولاية الفقيه برمته وزمره المحترقة سيئة السمعة. وقد رسَّخ هذا القسم أقدامه الآن ويتخذ الخطوات المستقبلية الحاسمة للإطاحة بالاستبداد الديني.