حدیث الیوم :
أصبح أفق تلمّس نهاية أزمة كورونا، التي ابتلي بها العالم منذ أكثر من عام وتركت الناس حول العالم قلقين من الموت، واضحا ويرى فيه العالم النور مع تطور اللقاحات والاتجاه المتزايد للتلقيح العام والمجاني في البلدان حول العالم، حيث يتم كبح هذا الفيروس الفتاك شيئا فشيئا. لأن “أكبر حملة تطعيم في التاريخ جارية في جميع أنحاء العالم، وحتى الآن تم حقن 225 مليون جرعة من اللقاح المعتمد ضد Covid 19 في 100 دولة مختلفة”، حسب وكالة أنباء إيسنا في – مارس.
ومن الأمثلة الواضحة على ذلك الانخفاض الكبير في عدد ضحايا كورونا في المملكة المتحدة، حيث تشير الأرقام إلى أن وزارة الصحة البريطانية سجلت في 8 يناير الماضي، وفاة 1325 شخصًا بمرض كورونا، لكن عدد الضحايا في بريطانيا في 22 مارس انخفض “إلى 17 شخصًا، وهو أدنى رقم في الأشهر الستة الماضية” بسبب سياسة التطعيم العامة والأولوية للحكومة، (حسب رويترز – 22 مارس).
السير عكس الاتجاه
لكن من بين أكثر من 190 دولة في العالم، هناك استثناء واحد فقط يحدث في إيران! حيث تشهد البلاد تزايدا في أعداد الإصابات والوفيات.
في إيران المنكوبة بالملالي، إيران الضحية لاتحاد فيروس كورونا وفيروس ولاية الفقيه، حيث لا وجود للتطعيم، وباعتراف صحف النظام نفسه، “يتصرف المسؤولون الحكوميون وكأنهم يتلهفون لمشاهدة ارتفاع عدد الوفيات والإصابات بكورونا، ولا يريدون رؤية الإحصائيات السلبية!” (صحيفة همدلي – 2 مارس)؛ لأن خامنئي وصف كورونا بأنها “فرصة ونعمة” بالنسبة له ولنظامه.
عقلية النظام تلك، وطريقة إدارته لأزمة الوباء تسببت في زيادة عدد مدننا الحمراء والبرتقالية في الأيام الأولى من العام الإيراني الجديد، على عكس بقية العالم، والآن أصبحت 51 مدينة في الوضع البرتقالي والأحمر، وفي هذه الأثناء كورونا آخذ في الارتفاع في مدينة بوشهر، كما أن الوضع قد يتحول في اروميه إلى اللون الأحمر بسبب الاتجاه المتزايد لتفشي الفيروس.
يؤكد المتحدث الرسمي باسم مقر حكومة كورونا، هذه الحقائق بالقول: إن الفيروس البريطاني المتحور ينتشر في 31 محافظة، يشاطره في ذلك رئيس قسم العدوى في مستشفى مسيح دانشوري في طهران، الذي يشير إلى “أن عدد الزيارات للمراكز الطبية والمستشفيات ازداد وسيستمر وسوف تمتلئ المستشفيات لمدة أسبوعين آخرين، وسوف يرتفع عدد الوفيات في أواسط أبريل”.
سياسة لا تعبأ بالشعب
سياسة خامنئي والنظام بشكل عام، يمكن تلخيصها بسياسة استمرت لمدة عام لوضع الناس في مجزرة كورونا تحت الوصف الإجرامي “سلامة القطيع”، من رفض الحجر الصحي إلى إعادة الفتح المبكر، بهدف جني مكاسب للنظام من أجل دفع نفقات أعمال القمع وتصدير الإرهاب، ومرورا بالإعلان الصريح للقرار الإجرامي لخامئني لحظر لقاحات معتمدة عالمياً، مما تسبب في وضع كارثي يسود البلاد بحيث قلما توجد عائلة في إيران لم تفقد عددًا من أفرادها بسبب كورونا، فيما يرى المواطنون أنفسهم بأنهم الـ “أكثر تخلفًا في التطعيم من جيرانهم في البلدان الأقل بإمكانياتها!”.
بسياسته تلك، التي تبدو كمن يزرع الريح، لن يجني منها خامنئي سوى العاصفة، لأن عاما من التعاون مع الجائحة، وتسخير فيروس كورونا لمصلحته من أجل قتل وتدمير الشعب الإيراني بهدف مواجهة الانتفاضة تسبب في تراكم الكثير من الكراهية والغضب في هذا المجتمع المحتقن.
وأضحى المجتمع الغاضب يبدو كفيضان هائل يقف خلف سد كورونا حتى يومنا هذا، لكن هذا السد لم يعد بإمكانه تحمل هذا الفيضان الجارف، سيما وأن الشعب يقف أمام حقيقة انحسار تفشي الفايروس في العالم بفضل التطعيم، كما بدأت بوادر احتوائه تظهر في العديد من الدول.
وبنظرة عامة، لا يمكن لإيران أن تبقى جزيرة منفصلة مع سياسات الملالي؛ حيث يظهر نتيجة لذلك أن انتشار الاحتجاجات على مستوى البلاد من قبل شرائح مختلفة من السكان في مدن إيران خلال الأشهر الثلاثة الماضية، والانتفاضة الكبرى وكذلك انتفاضة المواطنين البلوش المضطهدين، كمظاهر من تدفق هذا الفيضان الرهيب، والذي بتدفقه الجارف من المحتمل أن يحطم الهيكل الكامل للنظام الإجرامي، ويطهر البلاد من فساد الملالي، بزخم يفوق ما حدث في انتفاضة نوفمبر 2019.
أوضاع الشعب الإيراني، ومعاناته بسبب النظام والجائحة، جاءت في تصور شامل خلال رسالة لقائد المقاومة مسعود رجوي في رسالته (بتاريخ 21 مارس)، التي قال فيها: حقاً ماذا جمع خامنئي من رصید خلف كل هذه الأكاذيب والخدع والكلمات الزائفة الفارغة؟ باختصار، ما تحصّل عليه هو فرصة ونعمة كورونا لتقييد الناس والخسائر الفادحة والدرع البشري لدرء خطر الانتفاضة، لذلك يجب أن لا نستسلم لكورونا.
وأضاف: يجب أن نبدأ يومًا جديدًا وموسمًا جديدًا في الحرب ضد فيروس كورونا وفيروس ولاية الفقيه، يجب أن لا نستسلم، يجب أن ننتفض ونثور بأي ثمن، لا ينبغي السماح لتأثيرات كورونا بصد الانتفاضة وجعل المواطنين طريحين على الأرض كما تريده ولاية الفقيه البغيضة، لهذا السبب عارض خامنئي شراء اللقاحات من الولايات المتحدة وأوروبا، وحسب تعبيرهم أرسل الكادحين إلى حقول ألغام كورونا كقطيع أغنام، فلو لم يحظ النظام بدعم كورونا العام الماضي لكان الوضع مختلفا تماما، لكن في عام 1400، لم يكن من الممكن تصور مثل هذه الفرصة والدعم لخامنئي ونظامه، يجب أن يتفوق المنتفضون والثوار.