
الصاروخ العقائدي
صوت کوردستان – سعاد عزيز: خلال العقدين الاخيرين من الالفية الماضية، تشهد بلدان المنطقة والعالم نوعا من تصاعد التهديد الامنية ضدها، هذه التهديدات تتميز ببعدها العقائدي، والذي يجب ملاحظته أيضا وأخذه بنظر الاعتبار، إن هذه التهديدات التي سبقتها فترة من الاعداد من أجل تهيأة الاجواء العامة لأخذها على محمل الجد، وذلك من خلال أحزاب وميليشيات تدعو لأفکار سياسية ذات طابع ديني بعمق طائفي فيها جنوحا واضحا للتطرف، وليس هناك من شك بأن سوق هذه الاحزاب والميليشيات في المنطقة والعالم قد راجت بعد تأسيس نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية والافکار والمبادئ المتطرفة التي دعت وحثت وحفزت عليها.
بعد قيام طهران تشکيل حزب الله اللبناني، ومده بعون مادي إستثنائي وتضخمه وتوسعه بصورة ملفتة للنظر على حساب الدولة اللبنانية، والدور الذي قام ويقوم به هذا الحزب وصيرورته وبصورة مکشوفة ذراعا لإيران وعدم التصدي له إقليميا ودوليا، حفز طهران على أن تعيد تجربة تأسيس وتشکيل أحزاب وميليشيات أخرى تابعة لها في بلدان المنطقة، وبعد أن أصبحت هذه الاحزاب والميليشيات تقوم وعلنا بتهديد الامن القومي والاقليمي وحتى الدولي لبلدان المنطقة والعالم، فقد بدأ العالم يصحو من غفلته ويقوم بإعادة النظر بشأنها، ولکن الذي يثير السخرية إن هذه الصحوة قد جاءت بعد أن شرع النظام الايراني بالانتقال من مرحلة تشکيل الاحزاب والميليشيات والاحزاب التي تقوم على أساس عقائدي الى مرحلة إعداد وتصنيع الاسلحة العقائدية وفي مقدمتها الصاروخ العقائدي!
الدراسة الاخيرة الصادرة عن معهد “رصانة” للدراسات الإيرانية، الضوء على الخطر الذي يشكله برنامج إيران الصاروخي، عسكريا واقتصاديا على المنطقة والعالم، وهد الدراسة التي تحت عنوان “برنامج إيران الصاروخي.. من العقيدة إلى الانتشار”، قد رکزت على عقيدة إيران العسكرية وتبنيها نهج المواجهة في الفضاء الإقليمي، في ظل محافظة النظام الثيوقراطي على قبضته في السلطة. والذي لفت النظر إن هذه الدراسة قد ذکرت بأن”عقيدة الدفاع الإيرانية يمكن أن توصف بـ “العقيدة الهجينة” التي “تمزج جميع أدوات القوة والإكراه بأسلوب التفاعل بين الأنماط النظامية وغير النظامية للقتال الحربي، مع إبقاء أراضيها بعيدة عن الصراع نفسه”، وأضافت أن”حالة الضعف المعترف بها تدفع إيران إلى إنشاء منطقة رمادية للقيام بعملياتها العسكرية وبسط نفوذها دون الدخول في حرب، لكن اعتمادها على القوة الصاروخية قد يجعلها تواجه أعلى درجات التصعيد وترزح تحت طائلة عقوبات شديدة، فقد نجحت في إدارة التهديدات باستخدام الصواريخ من خلال وكلائها في لبنان والعراق واليمن، ولكن أصبح من الصعب عليها الاستمرار في سياسة الإنكار”، ويبدو واضحا بأن طهران لا ولم تکن تمزح مع بلدان المنطقة والعالم في مساعيها السياسية ـ العقائدية من أجل تنفيذ مخططاتها بغية فرض نفسها کنظام عقائدي بمثابة أمر واقع على المنطقة والعالم، وهذا النظام لايعني إيران داخل حدودها السياسية ـ الجغرافية وإنما داخل حدودها العقائدية، فکل مکان ودولة فيها ذراع لهذا النظام فإنه جزء منه، والذي يجب أن نتذکره هنا، إن زعيمة المعارضة الايرانية، مريم رجوي، کانت قد حذرت مرارا وتکرارا من هذا الامر وأکدت بأنه وفي حالة عدم التصدي له عاجلا أم آجلا فإن المنطقة والعالم سيدفعان الثمن، والسٶال هو کيف يمکن للمنطقة والعالم أن يضعان حدا لهذا التهديد السياسي ـ العقائدي وکبح جماحه؟!