تصريحات خامنئي دلالة على مأزق النظام الحادّ في خضم الأزمات الداخلیة والدولیة
کاتب: كلمة الموقع
حديث اليوم
تصريحات خامنئي دلالة على مأزق النظام الحادّ في خضم الأزمات الداخلیة والدولیة -عقب تصريحات خامنئي يوم الأحد 17 مایو والتي کرّر فیها الحاجة إلی تشکیل حكومة شابة حزب اللهیة، أطلّ روحاني في الیوم التالي (الاثنين 18 مایو) للإیضاح ومعالجة الأمور.
یُستحسن إلقاء نظرة عامة على ما حدث داخل النظام في أقلّ من 24 ساعة، حیث من شأنه أن یعطینا صورة واضحة جديدة عن مدی تفاقم الأزمة الداخلية للنظام وأبعاد ارتباکه وانقسامه.
فقد صرّح خامنئي خلال اجتماعه مع مجموعة من طلاب الباسيج، أنّ سبیل الخروج من الأزمة الراهنة لا یکوّن إلا في تشکیل “حكومة شابة وحزب اللهیة” وتولّیها زمام السلطة، ورأی بکثیر من الحسرة والتأوّه، في الحرسي “قاسم سلیماني” الهالك النموذج الأمثل والأکمل لقیادة مثل هذه الحکومة وإن کان الأخیر قد تجاوز الستین من عمره.
هجوم منسّق من قبل عصابة خامنئي
في أعقاب تصریحات خامنئي، شدّد عدد من أعضاء مجلس شوری النظام التابعین للولي الفقيه، یوم الاثنین 18 مایو، على ضرورة استقالة روحاني في سيناريو منسّق ومعدّ مسبقاً یکشف عن کنه تصريحات خامنئي الملغومة ودلالتها على اتباع نهج محدّد.
في هذا الصدد، قال عضو في المجلس یُدعی “فتحي”: «انطباعي عن خطاب خامنئي هو أنّ الوقت قد حان لاستقالة روحاني والآن فوراً! وأنه يجب إجراء انتخابات مبكرة وتشكيل حكومة خامنئي المرجوة».
وقال عضو آخر في مجلس النظام یُدعی “کودرزي”: «السيد روحاني تنحَّ جانباً إذا لا تستطیع، ليأتي شخص آخر يبیّن الوضع»!
وأضاف مخاطباً المعمّم “رئیسي“، رئیس القضاء الإیراني: «تدخلوا علی الفور! أنتم جهاز المراقبة»! في تهدید واضح لروحاني وتخویفه من قوة سلطة القضاء.
لم یأتِ هذا التهديد علی لسان أحد أعضاء عصابة خامنئي عن فراغ ودون استناد إلی خلفیة، فشقيق روحاني یقبع حالياً في السجن بتهمة السرقة والفساد ويقضي عقوبته، ویمرّ شقيق جهانغيري نائب روحاني بوضع مماثل.
من جانبهم، اصطفّ أعضاء عصابة روحاني للدفاع عنه، منهم المعمّم “أنصاري راد”، العضو السابق في مجلس شورى النظام، الذي حذّر خامنئي قائلاً إنّ «استقالة روحاني ستعطل نظام البلاد. مع استقالة روحاني، ستكون البلاد في حالة طوارئ» في إشارة إلی الوضع المتزلزل والهشّ للغایة للنظام.
كما کذّب “نمازي”، عضو سابق في مجلس شورى النظام، تشدّق النظام بإجراء انتخابات مبکرة والأخذ بتصويت الشعب قائلاً: «إذا كان تناوب السلطة یتمّ عن طريق التصويت الشعبي، فلماذا إذن يُقترح تشکیل حكومة حزب اللهیة؟».
ردّ روحاني وعصابته
في خضم هذه المعمعة والجدال، ظهر روحاني نفسه وامتدح خامنئي وشكره على دعمه للحكومة علی صعید مکافحة كورونا مؤکداً على إلمام خامنئي بالظروف الخاصة للبلاد، لکنه رداً على ما قاله الأخیر بإنّ “علاج مشاکل البلاد یکمن في تشکیل حكومة شابة حزب اللهیة مؤمنة تستطیع العبور بالبلاد من الطرق الوعرة”، رأی أنّ حلّ مشاکل النظام یکمن في تشكيل الأحزاب.
قائلاً: «إذا أردنا أن يبقى النظام مستقراً وقوياً، فنحن بحاجة إلى إنشاء حزبين أو ثلاثة أحزاب رئيسية في البلاد لإدارة البلاد بالتناوب».
وقد أدلى روحاني بهذه التصريحات أمام عدد کبیر من الناشطين والنخب السياسية من عصابته. نفس اولئك الذين سماهم خامنئي بـ “السادة النادمین” على كونهم ثوريين، الذین يشعرون بالقلق الشديد إزاء الخط الذي اتّخذه خامنئي في سلطته، ويناشدونه بتعبيرات مختلفة بأنّ يتجرّع السم کخميني ويتخلّى عن العناد الذي سيدمّر النظام.
أما الآن وما إن سمعوا صوت الصفارات المنذرة بإقالة روحاني وتشکیل حكومة حزب اللهیة شابة، اجتمعوا حول روحاني لتذكير خامنئي أنه لن یستیطع استبدال حکومة روحاني بالحکومة التي یبتغیها إذا أقاله، إنما انتفاضة الشعب الناریة هي التي ستحدّد مصیر البلاد هذه المرة.
الملخص والاستنتاج
إلقاء نظرة على هذه المناوشات والهجمات المتبادلة بین زمرتي النظام المتنازعتین علی السلطة والتي تشبه إلی حد بعید جبلاً جليدياً ضخماً لا یظهر منه إلا جزء ضئیل فقط، یکشف عن حقائق مهمة هي کالآتي:
-تصريحات خامنئي وإعادة طرحه لقضیة تشکیل حكومة حزب اللهیة شابة، ومن ثمّ طرح مسألة استقالة روحاني على الرغم من أنه لم يبقَ سوى 15 شهراً حتی انتهاء فترة رئاسته، ما هي إلا دلالة واضحة على شدة وحدة الأزمة الداخلية للنظام ووصوله إلی طریق مسدود.
لقد أسفر الاختناق الاقتصادي، تراجع العائد النفطي إلی الصفر، العقوبات الدولیة المتزايدة، العزلة السياسية غير المسبوقة علی الصعیدین الإقليمي والدولي، الظروف المتفجرة للمجتمع، أزمة کورونا والخسائر البشرية الضخمة التي فاقمت مجموع أزمات النظام، عن وضع بالغ الخطورة دفع خامنئي إلی التفکیر بجدية في الحلول المتاحة أمامه للخروج من هذا الوضع.
وبالطبع تعتمد هذا الحلول على طبيعة الاستبداد الثابتة لنظام ولاية الفقيه القروسطائي، وميله المتزايد للانكماش والتركيز على الأساليب الفاشية في التعامل مع جميع الأزمات والقضايا السياسية والاجتماعية.
-انهارت مکانة وسطوة الولي الفقیه داخل النظام بشدة، حيث نرى روحاني وعدد كبير من مؤيديه قد خرجوا إلی الساحة واصطفوا أمام خامنئي، ما یفاقم الأزمة الداخلية للنظام لکن بشکل آخر، أحد مؤشراته هو زيادة ضعف خامنئي وانهیار مکانته وتطاول الألسنة علیه داخل النظام.
إن لم يكن خامنئي ضعيفاً جداً ولم یکن موقفه هشاً للغاية، فلم يكن يتجرّأ روحاني ولا أعضاء عصابته على الوقوف أمامه بهذه الطريقة وفضح تناقضات نظامه علی مرأی ومسمع منه.
-على الرغم من أنه لا يمكن القول على وجه اليقين ما إذا کان خامنئي، سیعمل مبضع جراحته ویستأصل روحاني من جسد النظام المسرطن قبل نهاية فترة رئاسته، إلا أنّ قراره أیاً کان لا يغير حقيقة أنّ النظام أولاً منقسم بشدة، وثانیاً یواجه مأزقاً حاداً، وإلا لما كان خامنئي نفسه قد صرّح بمثل هذا الأمر، مما يعرض موقف النظام المضطرب والهشّ للغاية في مثل هذه الظروف الحساسة.
-إنّ أوضاع النظام وأزمته الشاملة المترامیة الأطراف هي أولاً وقبل كل شيء نتاج انتفاضتي ینایر 2018 ونوفمبر 2019، ونتاج أزمة کورونا في المرتبة الثانیة وفقاً للاعترافات المتکررة لروحاني وقادة النظام الآخرین.
وهي في المقابل تؤثر بشکل جدلي علی الانتفاضة وقواها المحرکة والمنظمة، وتضع في طریق خامنئي ما يهرب منه. ألا وهو الانتفاضة الشعبیة.
انتفاضة أكثر شدةً وعنفاً مما كانت عليه في نوفمبر 2019 تنهض بجيش العاطلين عن العمل والجياع والشباب ممن یخشی خامنئي التحاقهم بمجاهدي خلق و المقاومة الإيرانية، وحذّر قواته المرعوبة من هذا الأمر قائلاً «إذا نمتَ أنت في الخنادق أمام العدو، فهذا لا يعني أنّ العدو نائم، إنه مستيقظ».