
یموت العمّال في إيران علی عدة مراحل ومستویات؛ مستوی الفصل عن العمل والبطالة، مستوی التضوّر جوعاً، مستوی توفیر تكاليف الرعاية الصحية والمعيشة الباهظة إلخ.
إيران.. في خصم معمعة تفشي فیروس كورونا فی البلاد یتم اضطهاد العمّال
اضطهاد العمّال في إيران
إيران .. في خصم معمعة تفشي فیروس كورونا فی البلاد یتم اضطهاد العمّال -یموت العمّال في إيران علی عدة مراحل ومستویات؛ مستوی الفصل عن العمل والبطالة، مستوی التضوّر جوعاً، مستوی توفیر تكاليف الرعاية الصحية والمعيشة الباهظة إلخ.
وإذا لم يفصل العامل واستطاع الاستمرار في عمله داخل بیئة ملوّثة بکورونا، فإنه سیموت في أتون هذا الفیروس الفتاك وبتبعه تكاليف العلاج المرتفعة.
مشکلة تأمین تکلفة العلاج هي من المشاکل الکبری التي یعاني منها العمّال في إیران علی الرغم من أنّ روحاني المحتال قال إنّ في بلاده لا توجد حتی حالة واحدة لا تستطیع دخول المستشفی بسبب المشاكل المالية. وکان قد أکّد هذا الأمر في وقت سابق (28 مارس 2020) بقوله:
«اليوم، أي شخص یصاب بکورونا ويدخل المستشفى، یتمّ دفع 90 في المائة من نفقات علاجه من قبل الحكومة ونظام التأمين، بینما يدفع هو 10 في المائة من التکالیف فقط»!
في هذا السیاق، قال أحد عمّال بلدية طهران مشیراً إلى أنه خلال أزمة كورونا لم تزوّد البلدية العمّال حتی بالکمامات:
«عندما یمرض أحد العمّال ویدخل المستشفی لا یدفعون تکلفة علاجه وأدویته. الآن ینام بعض العمّال المصابین في المقصورات لکنهم لا يتفقّدون أولئك العمّال على الإطلاق».
أصبحت قضية نقص الرعاية الصحية قضية معقّدة ومؤلمة بالنسبة للعمّال ومثیرة للقلق بالنسبة لنظام الملالي لدرجة أنّ عضواً في مجلس شورى النظام قال خوفاً من غضب العمّال:
«سیادة الرئیس، الآن نشاهد مرضی مصابین بکورونا ذهبوا إلی المستشفیات، ودفعوا 9 ملایین تومان مقابل بقائهم لستة أیام في المستشفی لأنه لم يكن لديهم تأمين» (حاجي دلیجاني، رادیو فرهنگ، 15 أبریل 2020).
وتحت ضغط الرأي العام، اضطرّ عضو آخر في البرلمان یُدعی “شهباز حسن بور بیجلري”، إلى الاعتراف بالواقع المؤلم للظروف المعيشية للناس في أعقاب أزمة كورونا قائلاً:
«سيادة الرئيس، أغیثوا المحتاجين في المجتمع وخذوا صرخاتهم علی محمل الجد. الیوم هناك أكثر من 10 ملايين أسرة في البلاد يتضوّرون جوعاً» (مجلس الشوری، 15 أبریل 2020).
فصل العمّال
ومن الإجراءات المناهضة للعمّال في أعقاب أزمة كورونا، یجب أن نشیر إلی الطرد الواسع النطاق للعمّال من المصانع والشركات، وتدمیر حیاة مئات الآلاف من أسر العمّال.
في هذا الصدد، كتب موقع “عصر إيران” بتاریخ 21 مارس 2020 في مقال له بعنوان “إقالة 50 في المائة من عمّال البناء في قم بسبب كورونا”:
«عقب تفشّي كورونا، شهدنا موجة من تسريح “عمّال الخدمة”. العديد من المقاهي والمطاعم والمراكز الترفيهية في محافظة قم والمحافظات المماثلة عالية الخطورة، إما أوقفت العمل بالكامل أو قلّلت من ساعات العمل إلی أدنی حد. نتيجة لذلك، أصبح العمّال في هذه المراكز عاطلين عن العمل بشکل غير قصد، وبما أنّ هؤلاء العمّال لیس لدیهم عقود عمل محکمة ولا استقرار وظیفي، فإنّ هذه البطالة تعني “الطرد”».
بدورها تطرّقت وكالة أنباء الجامعة الحرّة (آنا) في الرابع من أبریل 2020 إلی مسألة فصل العديد من العمّال بحجة كورونا وکتبت:
«بحسب المجموعة الاقتصادية لوكالة آنا، قال مجيدي المستشار القانوني للمجلس الأعلى لنقابات العمّال الإيرانيين: وفقاً للمعلومات الواردة، تم فصل العديد من العمّال بحجة كورونا.
عمل العديد من العمّال في مدن وأماكن مختلفة مثل أماكن الزیارة والسفر والعمل في النُزل والفنادق والسكك الحديدية والمطارات والمحلات التجارية والأسواق في مجال نقل البضائع (بالعربات الیدویة) والمطاعم إلخ، وقد أصبح معظمهم عاطلین عن العمل بسبب تفشّي فيروس كورونا والإغلاق القسري، أو تمّ تسریحهم من قبل أرباب العمل، وهو ما يمثّل مشكلة حقيقية بالنسبة لهم علی صعید توفیر سبل العيش وشؤون الحیاة.
کان العديد من العمّال المعنيين یوفّرون سبل عيشهم وأسرهم بالعمل اليومي، والآن هم عاطلون عن العمل ویجلسون في المنازل. 99 في المائة منهم من المستأجرين. إنّ مشاكل عدم الاهتمام بهذه الفئة الضعيفة من المجتمع ستخلق أزمة خطيرة لهم وللبلاد بأسرها».
كما وصفت صحيفة “شرق” الوضع المأساوي للعمّال وكتبت بتاریخ 14 أبریل 2020 في مقال بعنوان “بطالة 600 ألف عامل رسمي في غضون 20 يوماً»:
«لقد أصبح وضع العمالة في إيران أكثر هشاشة من ذي قبل، منذ 18 مارس 2020 إلى منتصف أبريل فقد 600 ألف عامل رسمي وظائفهم خلال هذه الفترة الزمنية القصيرة».
النظام یمتلك المال الکافي لتعزيز الوضع المالي للعمّال وضمان سلامتهم
يعزو أرباب العمل الحكوميون تسريح العمّال إلى الانخفاض الحاد في الطلب خلال فترة الحجر الصحي، وعدم بيع البضائع، وإغلاق المصانع، وعدم امتلاکهم للسيولة اللازمة للحفاظ على القوی العاملة وما إلى ذلك من الأسباب.
لكن في حقیقة الأمر فإنّ هذه الحجج ليست صحيحة بأي حال من الأحوال، لأنه أولاً، لم يتمّ تطبیق الحجر الصحي في أي من مدن إيران بسبب تهرّب خامنئي و روحاني من توفیر متطلبات الحجر الصحي وحلّ مشاكل الناس. إنما تمّ تعلیق النشاط الاقتصادي وتقييد حركة المرورخلال عطلة النوروز فقط.
ثانياً، تخطط الدول الأخرى حول العالم وتنفق الکثیر من الأموال لمنع بطالة قوتها العاملة وعدم انهیار مصانعها.
علی سبیل المثال، وافق مجلس العموم في فرنسا في 19 أبريل، على تخصیص ميزانية طارئة بقيمة 110 مليارات يورو تتضمن ميزانية لمساعدة العمّال والأسر تحت الضغط ومساعدة الشركات، بما في ذلك الصناعات الاستراتيجية مثل الطيران وصناعة السيارات.
یأتي دعم الحکومات المختلفة لشعوبها وخاصة العمّال، في حین أنّ الحکومة الإیرانیة ترکت العمّال الإيرانيین یصارعون فیروس کورونا الفتاك لوحدهم وفي حالة من الفقر والبطالة الشدیدین، بینما يمتلك خامنئي 200 مليار دولار من الأصول في إقطاعیته الخاصة، وتستحوذ قوات الحرس ومقرّ خاتم الأنبیاء التابع لها، ومؤسسة المستضعفین، وآستان قدس رضوي (الروضة الرضوية)، ولجنة تنفيذ أوامر خمیني على أكثر من 60 في المائة من اقتصاد البلاد فضلاً عن احتکارها للعدید من البنوك.
بالتالي یمتلك نظام الملالي أموالاً طائلة لكن قادته لا يريدون إنفاقها على العمّال والمصانع وورش العمل وإنقاذها من الانهیار.
ولا یقتصر الأمر علی عدم اتخاذ النظام خطوات تعزّز الوضع المالي للعمّال وتضمن سلامتهم، بل إنه لا یدّخر جهداً في قمع العمّال واستنزاف دمائهم ودماء أبنائهم.
إضراب العمّال واحتجاجاتهم
لكن العمّال الإيرانيين لم یقفوا مکتوفي الأیدي، فقد احتجّوا في کل فرصة سانحة على القمع المضاعف الذي یمارسه نظام الملالي المناهض للعمالة ضدهم.
فيما یلي سنذکر نماذج على احتجاجات العمّال في الأيام الأخيرة:
اعتصام عمّال شركة ماهشهر لتوزيع المنتجات البترولية في 11 أبريل 2020، حيث نظّم العمّال المفصولین مسيرة احتجاجية أمام مستودع الشركة.
في 8 أبريل 2020، قام العمّال المطرودین من مصنع دورود للأسمنت بتنظيم مسيرة احتجاجية أمام دائرة العمل في المدينة.
في 18 أبريل 2020، تجمعّت مجموعة من عمّال بلدية مسجد سليمان أمام مبنى البلدية في المدينة للاحتجاج على عدم دفع متأخراتهم.
في 13 أبريل 2020، احتجّ عدد من العمّال المطلقين من شركة للنقل الدولي أمام مكتب قائم مقام إسلامشهر، احتجاجاً على عدم دفع رواتبهم المؤجلة والتأمين، على الرغم من أمرهم بالعودة إلى العمل. كما طالب هؤلاء العمّال بمراجعة تحويلات الشركة.
في 13 أبریل 2020، تجمّع عمّال بلدية سي سخت في فناء بلدية المدينة مطالبین بمتأخرات رواتبهم لخمسة أشهر.
الخوف من الوضع المتفجّر للمجتمع
في ظلّ هذه الأوضاع المتفّجرة، یحذّر عملاء النظام ووسائل الإعلام الحکومیة من البرکان القادم باستمرار.
علی سبیل المثال، قال “همتي”، عضو في مجلس شورى النظام في 15 أبریل: «إذا لم ننتبه إلى هذا الوضع، فإنّ تكثيف العقوبات ومشاكل معيشة الناس التي هي حقاً مدمّرة ومزعجة للغاية، يمكن أن تعرّض أسس النظام لخطر جسیم».
وكتبت صحيفة “آرمان” في 12 أبریل 2020: «الوضع الحالي يشبه قنبلة اجتماعية موقوتة يمكن أن تنفجر في أي لحظة وتؤدي إلى اضطرابات اجتماعية».
وتحدّثت صحيفة “ستاره صبح” في 12 أبریل عن «احتمال تكرار التوترات الاجتماعية أو السياسية مثل العامين أو الثلاثة أعوام الماضية، بغض النظر عن الفصائل السياسية. على المدى القصير والطويل، سيتأثّر المجتمع الإيراني وبلدنا بالنتائج النفسية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية لأزمة جائحة كورونا».
وأعربت صحيفة “مستقل” عن مخاوفها من اندلاع اضطرابات عنیفة وکتبت في 19 أبریل 2020: «أدّت الأزمة الاقتصادیة للبلاد التي یفاقمها انتشار کورونا، إلى الحرمان ونقص الموارد والدخل من جهة وتصعید العنف علی مستوی المجتمع بسبب عدم الوفاء بالالتزامات المالية من الأفراد من جهة أخری. ومن الممکن أن یؤدي هذا الأمر إلی الاضطرابات والاحتجاجات العنيفة».