النظام الإیراني.. الحاجة المفرطة إلی الاستعراض والبروباغاندا
حديث اليوم
افتتح حسن روحاني عبر تقنیة الفيديو کنفرانس صباح الخميس (23 أبریل)، أربعة مشاريع تشمل مصنعاً لإنتاج الألمنيوم ومستشفى وملعباً ومطاراً في مدینة “لامرد” بمحافظة “فارس” ضمن ما سُمّي بالمشاريع الوطنیة والبنی التحتیة.
یا تری كيف يمكن لملعب ومستشفى بسعة 124 سريراً ومطار صغير أن تکون ضمن فئة المشاريع الوطنية والبنی التحتية؟
الإجابة علی هذا السؤال تکمن في الحاجة الملحّة لنظام محاصر بالمآزق والأزمات من کل الجهات، خاصة في ظل أزمة کورونا التي وضعت النظام الإیراني في أخطر مراحل حیاته وأكثرها هشاشة.
وأثارت حالة من الذعر في الأوساط الداخلیة للنظام ودفعتها إلی إطلاق صافرات الإنذار سواء في المؤسسات الحکومیة کمجلس الشوری أو في الصحف ووسائل الإعلام، محذّرة من الوضع المتفجّر للمجتمع والتسونامي الذي ستشهده البلاد في الأیام المقبلة جراء مذبحة كورونا.
الضوضاء والدعاية الإعلامیة الواسعة التي رافقت تدشین المشاريع، هي جزء من البروغاندا الإعلامیة الشاملة لنظام الملالي.
حیث شهد العالم دعایة أخری روّج لها النظام حول إطلاق قوات الحرس لقمر صناعي والذي اعتبره “سلامي” القائد العام لقوات الحرس، “بدایة نشوء قوة دولیة”، وأشار إليها جهاز الدعاية للنظام بعناوين طنانة ومجلجلة مثل “دخول الحرس إلی عالم الفضاء” و”الحرس ینظر إلی الأرض من السماء” و”الوجود العسكري في الفضاء” وما شابه ذلك.
جهاز الکشف عن الفیروس، مظهر آخر من مظاهر حاجة النظام
مع تصاعد أزمة كورونا التي وضعت البلاد على حافة كارثة وطنية هائلة وتسونامي بشري مروّع ودفعت نظام ولایة الفقیة إلی أخطر مراحل حیاته، اشتدّت حاجة نظام الملالي إلی البروباغاندا والصخب الإعلامي الواسع لصرف الانتباه عن الأوضاع المتأزّمة وتعزیز معنویات قواته المذعورة والمنهارة.
ولذلك نجده یتشبّث بکل شيء -وإن کان سخیفاً- من أجل التظاهر بالقوة والهیمنة والسیطرة علی زمام الأمور، مما يثیر في بعض الأحيان سخرية عارمة.
من نماذج التظاهر بالقوة المصحوبة بکثیر من الصخب والدعایة والمثیرة للسخریة في نفس الوقت، یمکن أن نشیر إلی إعلان “سلامي” القائد الأخرق لقوات الحرس عن اختراع جهاز یمکنه الکشف عن فیروس کورونا عن بعد 100 متر وفي غضون 5 ثوان فقط! معتبراً إیاه ظاهرة علمية فریدة! مما أثار موجة انتقادات وسخریة واسعة، حتی إن وزارة الصحة في النظام أصدرت بياناً على الفور أعلنت فیه عدم تأییدها للجهاز.
وکان قادة الحرس قد کشفوا مؤخراً عن الجهاز نفسه بصفته جهاز یکشف عن الوقود المهرّب في السیارات، وبالطبع لم یکن ذا جدوی حتی في هذا المجال! لیتّضح بعد ذلك أنّ سجیناً بریطانیاً محتالاً قد باع ذلك الجهاز السحري إلی قوات الحرس بسعر باهظ!
الثمن السياسي والاجتماعي الباهظ للعروض الهزلیة
یكشف الجهاز الکاشف عن الفیروس من جهة، وإطلاق الصواريخ وافتتاح المشاريع السخیفة تحت مسمّی المشاریع التنموية والبنی التحتیة من جهة أخری، عن موقف النظام الهشّ للغاية وحاجته الملحّة لتغطية الواقع.
وقد أثار إطلاق الصاروخ الحامل للقمر الصناعي موجة من الإدانة الدولية للنظام؛ فعقب إدانة كبار المسؤولين الأمريكيین للنظام معتبرین تصرّفه خرقاً لقرار 2231 الصادر عن مجلس الأمن، انضمت الحكومتان الألمانية والفرنسية والبريطانية إلى الولایات المتحدة وأدانتا النظام.
وبالتالي، من المتوقّع أن تثار هذه المسألة في جلسة مجلس الأمن وتؤدي إلى إدانة دولیة جديدة للنظام الإیراني.
ومن المستبعد جداً أن يكون النظام غير مدرك للتداعيات والتبعات السياسية عند اتخاذه قرار إطلاق القمر الصناعي واستعراض قدراته الصاروخية، فضلاً عن أنّ هذه الخطوة قد وضعت کافة الجهود المبذولة من قبل النظام وجهازه الدعائي ولوبیاته في الخارج لرفع العقوبات باعتبارها أحالت دون اتخاذ إجراءات فعّالة لمکافحة جائحة کورونا، وضعتها في مهبّ الریح.
ووصف المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمریکیة هذا التناقض بقوله: «یکررون المطالبة برفع العقوبات، ولكن في نفس الوقت الذي يصرون فیه علی إعادة الثقة ورفع العقوبات يطلقون الصواريخ».
ربح ضئیل وثمن باهظ
يجب علی الملالي وقوات الحرس أن يقدّموا للشعب في الوهلة الأولي تفسیراً مقنعاً للتناقض بین أقوالهم وأفعالهم، وأن یجیبوا لماذا یتظاهرون بالعجز وعدم الاستطاعة عندما یتعلّق الأمر بتلبیة احتياجات الناس ودفع مستحقات العمّال والکادحین وتوفیر الأدوية والمستلزمات الطبية لمصابي کورونا، لكنهم یکونون أسخیاء للغایة عند إنفاق المليارات علی عروض إطلاق الصواريخ والأقمار الصناعية وتمويل المرتزقة والقتلة في الخارج أمثال الجزار بشار الأسد السوري وحزب الشیطان اللبناني والحشد الشعبي العراقي؟
لا شك في أنّ نظام الملالي علی درایة بردّ الفعل الاجتماعي الذي سیعقب استعراضه الصاروخي وإطلاقه للأقمار الصناعية والغضب والاستياء اللذين سیثیرهما هذا العمل في نفوس المضطهدین والمبتلین بفیروس کورونا، لكنه یتقبّل ثمن هذه الخطوة کما یتقبّل الثمن السیاسي الباهظ على الساحة الدولية، من أجل تحقيق هدف واحد یتمثّل في إظهار القوة والسیطرة علی الأوضاع المتأزّمة الراهنة وجعلها تبدو طبیعیة، بالإضافة إلی تعزیز ورفع معنویات قواته المذعورة.
ولكنه في هذه الحالة أیضاً یرتكب خطأ فادحاً آخر. لأنّ الربح الضئيل وغير المستدام لهذا العمل لا يساوي بأي حال من الأحوال تكلفته السياسية والاجتماعية الباهظة. ومن المؤکد أنّ النظام سیواجه تسونامي كورونا في الأسابيع المقبلة، يليه نقص الغذاء والمجاعات.
السؤال هل يمكن لهذه العروض الهزلیة أن تغیّر مصیر نظام ولایة الفقیه وأن تقیه خطر السقوط إثر انتفاضة جيش الجیاع و الکادحین؟