الخميس,28مارس,2024

المؤتمر السنوي العام للمقاومة الإيرانية 2023

المؤتمر السنوي2023

مريم رجوي الرئيسة الجمهورية لإيران المستقبل

مريم رجوي

اجتماع إيران حرة 2023: إلى الأمام نحو جمهورية ديمقراطية

المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية

ماتثير الإعجاب بشأن مجاهدي خلق

اخبار: مقالات رسيدهالرؤية العربية.. والتحدي الإيراني!

الرؤية العربية.. والتحدي الإيراني!

alsharqalowstالشرق الاوسط- راجح الخوري:كل الأحاديث الآن عشية انعقاد القمة العربية الدورية في الدوحة، تركز على موضوع «النبض التوفيقي» بين الدول العربية، الذي كان قد انطلق من خلال انتفاضة خادم الحرمين الشريفين، عندما دعا إلى إعادة ترتيب البيت العربي وتجاوز الخلافات بين الدول العربية.
كان ذلك في قمة الكويت التي انعقدت كما هو معروف في ظل تراشق عربي بالقمم، وحتى بالاتهامات، عندما كان العدوان الإسرائيلي المتوحش يشعل قطاع غزة. لا، بل إن جبهة دول الممانعة التي تقودها إيران لم تتوانَ في ذلك الوقت عن محاولات استخدام العدوان على غزة، كذريعة قاطعة، لا لإسقاط «مبادرة السلام العربية» فحسب، بل لإسقاط الاتفاقات الموقعة مع إسرائيل، وحتى لإسقاط بعض الأنظمة على خلفية الإثارة المبالغ فيها لمسألة معبر رفح مثلا!

لم تكن انتفاضة الملك عبد الله نابعة من الضرورات القصوى التي تفرض قيام تضامن عربي واسع وكبير في مواجهة العدو الإسرائيلي وما يجري في غزة يومها فحسب، بل من مجموعة واسعة من الوقائع والتطورات السياسية والاستراتيجية التي تفرض بالضرورة استعادة هذه الوحدة التي شكّلت دائما هدفا متقدما في النظرة السعودية إلى مصالح الأمة العربية والإسلامية.
ومن أبرز هذه الوقائع والتطورات أن القوى الفاعلة والمتدخّلة في المنطقة العربية ليست عربية، لا، بل إن الدول العربية تكاد أن تتحول ملعبا للآخرين. فهناك بالطبع العدو الإسرائيلي الذي واصل سياسة التوسع والعدوان، ويرفض مبادئ التسوية القائمة على قرارات الشرعية الدولية، وهناك إيران التي توسع تغلغلها في الدول العربية عبر رفع شعارات المقاومة والممانعة، وهي تسعى إلى امتلاك أوراق في مناطق الانقسامات، أي فلسطين ولبنان والعراق، تساعدها في المساومة مع أميركا والدول الكبرى على أمرين: الملف النووي، والدور الإقليمي المحوري الذي تريد أن تلعبه.
ثم هناك تركيا التي تدأب على السعي لاستعادة دورها في المنطقة، عبر القيام بمهمات برزت أخيرا في رعاية المفاوضات غير المباشرة بين سوريا وإسرائيل، ثم في التحرك على خلفية العدوان على غزة، وتقديم العروض إلى واشنطن للعب دور توفيقي بين أميركا وإيران.
ومع شعارات التغيير التي حملت باراك أوباما إلى البيت الأبيض، وبإزاء الواقع الانقسامي العربي، كانت الأسرة العربية في حاجة فعلية إلى رؤية جريئة متعالية، وإلى نظرة استراتيجية واسعة، وإلى حنكة سياسية هادفة، تستطيع كلها أن تنتشل الواقع العربي من الانقسام والانهيار اللذين يهددان كل المنطقة العربية. ولهذا كانت مبادرة العاهل السعودي بالدعوة إلى تجاوز كل الخلافات، والانخراط فورا في إعادة بناء التضامن العربي.
وهكذا انطلقت الدبلوماسية السعودية في إعادة ترتيب الأمور وبث الدفء في العلاقات، بناء على مبادرة الملك عبد الله في قمة الكويت. وفي ضوء هذه الاتصالات الناشطة التي تريد إعادة ترتيب شؤون البيت العربي قبل انعقاد القمة الدورية آخر هذا الشهر، لم يتوانَ خادم الحرمين الشريفين عن القول: «لقد حفرنا حفرة عميقة ودفنّا فيها الخلافات، ولن نرجع إلى مناقشة الماضي، بل سنبحث ما نتطلع إليه في المستقبل».
وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل الذي ينشط الآن لتسوية الأمور وإهالة التراب فوق الخلافات العربية، التي صارت في الحفرة على ما يبدو، تحدّث في افتتاح أعمال المجلس الوزاري العربي عن «تحسّن في العلاقات العربية – العربية، بما في ذلك الاتصالات الإيجابية القائمة بين الرياض ودمشق»، لتوفير الظروف الكفيلة بإنجاح قمة الدوحة التي دعا إلى «التحضير الجيد» لأعمالها و«توفير الأرضية المناسبة لإنجاحها، مستفيدين من أجواء المصالحة العربية والفلسطينية التي تحيط باجتماعنا الراهن».
لكنه شدد على أن «المصالحة العربية والفلسطينية لن يكرسها ويدعمها إلا توافر رؤية موحدة ومشتركة إزاء القضايا ذات المساس المباشر بالأمن العربي، مثل النزاع العربي – الإسرائيلي، والتعامل مع التحدي الإيراني، سواء في ما يتعلق بالملف النووي أو أمن منطقة الخليج العربي، أو إقحام أطراف خارجية في الشؤون العربية، سواء في العراق أو في فلسطين أو في الساحة اللبنانية».
هذا الكلام لم يعجب الإيرانيين، فالدعوة إلى تحسين العلاقات ووضع رؤية عربية مشتركة بإزاء القضايا ذات المساس المباشر بالأمن العربي، ومنها التحدي الإيراني، مسألة سارع منوشهر متقي إلى الرد عليها حيث قال إنها «لا تخدم أهداف الدول العربية والإسلامية، ولا مكان لها في ضمير الأمة العربية والإسلامية وأفكارها»، وكأنه بذلك على دراية أكثر من العرب بأهداف الدول العربية وبضمير الأمة العربية!
طبعا منشأ الاعتراض هنا هو الدعوة إلى قيام رؤية عربية مشتركة بإزاء «التحدي الإيراني»، ولكن هل كثير استعمال كلمة «التحدي الإيراني» في مواجهة سياسات التدخّل الإيرانية المتزايدة في الشؤون العربية، وقد وصلت وفق المواقف المعلنة والتصريحات الواردة من طهران إلى حد نزع العروبة عن قضية فلسطين، وكذلك إلى حد محاولة إملاء المواقف والسياسات على كل الدول العربية، وكأن طهران هي التي تقرر عن كل العرب سياستهم الخارجية والدفاعية وعلاقاتهم مع العالم؟
وبعد إثارة المشكلات مع دولة الإمارات ومع العراق ولبنان وفلسطين ومع البحرين ومع المغرب أخيرا، وبإزاء الشكاوى المتصاعدة من أمكنة كثيرة في العالم العربي من التدخلات الإيرانية التي وصلت إلى حد التشكيك في مقولة «إن قضية فلسطين عربية»، هل كثير أن يتحدث وزير خارجية السعودية عن «التحدي الإيراني»؟
لا، ليس كثيرا، فإذا كانت طهران قد حرصت على عقد مؤتمر حول قطاع غزة، كان بمثابة رد على مؤتمر الدول المانحة، التي رصدت أكثر من خمسة مليارات دولار لإعادة بناء القطاع، ودعت إلى تسوية عادلة على أساس قيام الدولتين، فإن المرشد الأعلى علي خامنئي لم يكتفِ بشن حملة عنيفة في المؤتمر المذكور على الدول العربية التي ترفع شعار الواقعية والاعتدال، بل إنه شكّك في مقولة إن قضية فلسطين عربية، حيث رأى أن «هناك من يقول: قضية فلسطين هي قضية عربية. ماذا يعني هذا الكلام يا ترى؟ (…) هل المقصود من هذا الكلام ألا يكترث قادة بعض الدول العربية بصرخة: يا للمسلمين، المنطلقة من حناجر الفلسطينيين، وأن يتعاونوا مع العدو الغاصب الغاشم في حادث خطير مثل مأساة غزة؟».
ولكن القصة ليست قصة صراخ الفلسطينيين: يا للمسلمين، بل قصة صراخ العرب: يا للسياسة التي تزرع الانقسام بين الفلسطينيين.
وفي هذا السياق كان لافتا أن يسارع الرئيس محمود عباس إلى مطالبة إيران بالكفّ عن التدخل في الشأن الفلسطيني الداخلي، معتبرا أن هذا التدخل «كله سلبي وليس في مصلحة الشعب الفلسطيني، ويهدف إلى تعطيل الحوار الوطني وتعميق الانقسام». وكان عباس يرد بذلك مباشرة على كلام خامنئي.
أما عندما يقول خامنئي إن السلطة الفلسطينية «ناقصة وزائفة» فإنه يحاول بذلك أن يملي رأيه، لا على الدول العربية مجتمعة، بل أيضا على الأسرة الدولية كلها. وهو بالتأكيد ما يزيد من الهوة المتسعة بين إيران والدول العربية التي تحتاج فعلا إلى التضامن ووضع رؤية مشتركة لمواجهة مروحة واسعة من التحديات، بينها «التحدي الإيراني» كما يقول الأمير سعود الفيصل.