البائعات المتجولات في إيران
تعتبر ظاهرة البائعات المتجولات التي تنتشر على نطاق واسع في ظل نظام الملالي، في إيران، من أكثر الظواهر المؤلمة التي لا تتوقف فحسب عند انتشارها بل تتعدى إلى اضطهاد البائعات المتجولات.
وأوضح المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في العديد من البيانات الصادرة عنه أن الفقر وجميع الكوارث الطاغية على المجتمع الإيراني اليوم، ناجمة عن حكم الملالي القروسطي وكما أعلنت السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الإيرانية أن نظام الملالي لا يريد ولا يقدر على معالجة أبسط القضايا المعيشية للمواطنين الإيرانيين والحل الوحيد هو إسقاط هذا النظام اللاإنساني برمته.
وضع اقتصادي مزري
وتعود انتشار ظاهرة الباعة المتجولين (باعة الأرصفة)، خاصة بين النساء، إلى الوضع الاقتصادي المزري في إيران وانتشار الفقر بين الناس، كما أنها نتيجة طبيعية في بلاد عمّها الفساد، وعمل حكامها على انهيار اقتصادها وتحويل الشعب إلى فقراء.
استغلال القاصرات المعيلات الباحثات في القمامة من قبل مافيات النظام الإيراني
أسباب كثيرة
ويرجع انتشار ظاهرة الباعة المتجولين(باعة الأرصفة)، إلى عدة أسباب ناجمة عن بما في ذلك البطالة والركود والفقر وقبل كل شيء، الفساد المؤسسي في الاقتصاد، الذي يأكل ثروات البلاد في ظل نظام الملالي.
ويتسع الفقر الذي نشأ في السنوات الأخيرة، نتيجة للسياسات الاقتصادية الفاشلة والفساد المستشري في الحكومة، مما أدى إلى ابتلاع جزءاً كبيراً من الطبقة الوسطى.
إيران ..العبودية الحديثة.. مأساة أطفال القمامة تتزايد في ظل نظام الملالي
ظروف عمل سيئة
وتعمل شريحة كبيرة من النساء اللواتي يعيلن أسرهن كبائعات متجولات، في ظروف العمل السيئة ومشاكل الحياة الصعبة نتيجة مأساة الفقر والقهر، التي تعصف بالغالبية ممن يعيشون تحت خط الفقر.
كما تتعرض النساء دائماً للاضطهاد وحتى الضرب والإهانة من قبل المسؤولين، لكن مع ذلك يتعين عليهن العمل في هذه الظروف لكسب لقمة العيش لعائلاتهن.
إيران ..النساء العتالات المجبورات على العمل في العتالة بزي ذكوري
سلوكيات استغلالية
وبحسب وسائل إعلام النظام وبعض المسؤولين، فإنّ الكثير من النساء اضطررن إلى ترك وظائفهن والبيع على الأرصفة بسبب السلوكيات الاستغلالية من قبل أرباب العمل الحكوميين، حيث يتعين عليهن العمل أكثر من 10 ساعات في اليوم في أصعب الظروف، مقابل نحو 1.5 مليون تومان شهرياً، هذا في حين يكسب الكثير منهن أقل من 1.5 مليون تومان شهرياً، وكلها مبالغ ضئيلة للغاية.
مأساة بيع الأعضاء البشریة في إيران
مضايقات يومية
وتعيش النساء البائعات، دون الحصول على أي نوع من أنواع الدعم الحكومي، كما يتعرضن لشتى أنواع المضايقات اليومية من قبل العمال التابعين لبعض الدوائر الحكومية، بالإضافة إلى المضايقات والإهانات، التي يرتكبها وكلاء البلدية ومترو الأنفاق في حقهم بمصادرة وسحب بضائعهن.
وتقول إحدى النساء البائعات على الأرصفة، بحسب ما نقلته جريدة رسالت، في 26 سبتمبر 2019، إنها تتعرض لمعاملة غير إنسانية، من قبل موظفي البلدية وسلطات مترو الأنفاق، قائلة: “نحن مضطرات، لا توجد فرص عمل لنا، أصبحت معاملة المسؤولين أكثر شراسة من السابق، وعملنا في مترو الأنفاق صار أكثر صعوبة، ولكن لا خيار لنا سوى العمل في مثل هذه الظروف”.
وتضيف: “كل المسؤولين يدركون جيداً أن البيع على الأرصفة يحكي قصة الفقر والظلم، وإلا فإننا لسنا سعداء بأن نتوسل الآخرين كي يشتروا بضائعنا”.
وتقول: “الذين يمتهنون هذه المهنة وصلوا إلى طريق مسدود في حياتهم، موضحة أنها اعتقلت 10 مرات بسبب البيع على الأرصفة، كما صادرت سلطات مترو الأنفاق بضائعها عدة مرات”.
وتستطرد قائلة: “البعض منهم يشتمني ويهينني، أتوسل كثيراً في كل مرة عندما يقبضون علىّ لأسترد بضائعي، متساءلة “إذا لم أحضر إلى هنا، كيف يمكنني إطعام اطفالي؟
خريجات الجامعات.. بائعات متجولات
ويحمل العديد من هؤلاء النسوة العاملات كبائعات متجولات، شهادات جامعية ولديهن مؤهلات تعليمية عالية، لكن الظروف الصعبة أُجبرتهن على ذلك بسبب التمييز المؤسسي ضد المرأة في نظام حكم الملالي وبسبب انتشار البطالة بين الخريجين، ولا سيما الخريجات.
مركز الإحصاء الإيراني: 38٪ من خريجي الجامعات عاطلون عن العمل
تزايد الأعداد
وفي الوضع الحالي، يتزايد عدد النساء العاطلات عن العمل بمعدل مذهل، حيث يبلغ معدل البطالة بين النساء المتعلمات 78٪ ومعدل البطالة بين النساء اللواتي لا تتجاوز أعمارهن 30 سنة وصل 86٪.
معاناة ومشاكل
ونشرت وكالة (ايرنا) للانباء تقريراً مصوراً بعنوان “النساء البائعات يتكلمن” عن اجتماع لمسؤولي البلدية في طهران مع النساء البائعات، حيث يتحدثن عن مشاكلهن ومعاناتهن.
وقالت إحدى النساء إنّ “بعض السادة هنا (المسؤولون البلديون) يهينوننا، حتى واحد منهم خاطبني بـ “الحمّال”.
وتضيف: “أنا فخورة بمهنتي “العتالة ” لأنني بعملي هذا حولت معاقاً إلى حامل إجازة ماجستير، وقدمته للمجتمع كمنتج وليس عالة، أنا استطعت أن أوصل أولادي إلى هذه المكانة بمفردي وبعملي هذا”.
تصرخ من أجل بضاعتها
وتكشف بائعة أخرى عن كم الانتهاكات الغير عادي، مشيرة إلى أن “السلطات صادرت منها بضائع بقيمة مليون تومان، وتطالب قائلة “أعيدوا لي بضائعي، تحملوا المسؤولية في ما قمتم به من مصادرة بضائعي، هل يرضى الله ، أن تصادروا مني 20 خاتماً وترجعوا 10 فقط”.
شهادات على المعاملة السيئة
وتتوالى شهادات البائعات المتجولات، حيث تشير بائعة تتحول في محطات المترو، أنها تتعرض لانتهاكات عديدة خلال عملها، حيث تقول “يا أيها المسؤولون الحاضرون هنا، الموظفون في المحطة يوجهون أسوأ الإهانات مستخدمين أبشع الألفاظ ويعاملوننا بأسوأ الطرق، ليس لدينا الحق في الجلوس في القطار للحظة كما لو كنا مجرمين، لا يعامل أسوأ المجرمين مثلنا”.
وتضيف بائعة أخرى، بحسب وكالة ايرنا في 1 أكتوبر، “قبل حوالي شهر اعتقلت لأنني بائعة متجولة، أخبرتهم بأنني أعيل طفلاً لكنهم لم يكترثوا بما أقول وحجزوني يوماً و ليلة، وقالوا لي بعد أن أطلقوا سراحي، اذهبي واسرقي وافعلي كل ما تريدين، لكن لا تبيعي على الأرصفة
معاداة النساء
وينسجم اضطهاد النساء البائعات على الأرصفة وقمعهن من قبل المسؤولين الحكوميين، مع سياسة الولي الفقية “خامنئي” المعادية للنساء، والقمع المزدوج على النساء الإيرانيات، وهو ما يتبين من سياسات الضغط على النساء البائعات وقمعهن من قبل أزلام الحكومة، في حين أن البيع على الأرصفة ليس مخالفاً للقوانين في بلدان أخرى، بل إنه منظم أيضاَ، وقد خلقت الحكومات فرصاً للباعة من خلال توفير الظروف المناسبة.