افتتاحية جريدة مجاهد
في المؤتمر الصحفي الذي عقد في ختام اجتماع برلين مع زميليه الفرنسي والألماني, أدلى وزير الخارجية البريطاني جك استراو بتصريح جاء فيه: « قبل عامين ونصف العام, عندما اتضح ان إيران قد انتهكت التزاماتها تجاه معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية (ان.بي.تي), كان باستطاعة مجلس الحكام إحالة إيران على مجلس الأمن فورًا. لكننا قمنا بتجميد هذا الإجراء, كي تجمد إيران بدورها انشطتها الخاصة بالتخصيب. ان إيران قد انتهكت جزءً هامًا من ذلك الاتفاق». هناك نقاط مثيرة للانتباه تكمن في تصريحات السيد استراو, لكنه لم يتطرق اليها بصراحة وهي عبارة عن:
اولاً, ان الجهة التي «كشفت» قبل عامين ونصف العام, عملية «انتهاك الالتزامات» بواسطة دكتاتورية الملالي, هي المقاومة الإيرانية.
ثانيًا, وإذًا فان السيد وزير الخارجية, يعترف بدوره في الضلوع ومعه شركاء آخرون, بالتباطؤ لعامين ونصف العام في إحالة الملف النووي لدكتاتورية الملالي إلى مجلس الأمن الدولي, لكنه يمتنع الحديث عن تداعيات هذا التباطؤ وما أسفرت عنه من نتائج.
ان القرار الصادر عن مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 25 إيلول/ سبتمبر الماضي كان قد أكد على «إن الملف النووي الإيراني قضية تمس السلام والأمن الدوليين وإن مجلس الأمن وهو الطرف المؤهل للنظر فيها». انه القرار الذي حظي بالترحيب والدعم من جانب بريطانيا وكذلك الدولتين الزميلتين لها في الوفد المفاوض مع دكتاتورية الملالي. لذلك, فان اقل ما يمكن ان يتوصل إليه مبدئيًا واخلاقيًا اي انسان ذوضمير, هو التسليم بما قدمتها المقاومة الإيرانية من خدمة كبرى ليس فقط باتجاه المصالح العليا للشعب الإيراني, بل بالنسبة للسلام العالمي ايضًا والتي كانت الوحيدة في الكشف عن مخادعات الملالي وتسليط الأضواء على ممارساتهم الخفية في مجال مشروعهم النووي, كما وأنها أكدت وأصرت باستمرار على ضرورة إحالة ملفهم النووي إلى مجلس الأمن.
ولكن, كيف كان الحال بالنسبة للدول المفاوضة؟ إن الاستمرار في سياسة المسايرة, واعطاء التنازلات وتوفير الوقت لديكتاتورية الملالي قد أسفرت في واقع الأمر, عن تجرؤ الملالي أكثر فاكثر ووفرت الفرصة للنظام المعادي للإنسان, لتصعيد القمع ضد الشعب الإيراني والتقدم بمخطط المعادي للشعب, اي المشروع النووي بهدف اقتناء أسلحة الدمار الشامل. ان على وزير الخارجية البريطاني بوجه خاص, أن يتذكر جيدًا إن هذا التنين الذي تتصاعد ألسنة النار من فمه, هو الأفعى نفسها التي إهتموا برعايتها في الرِدِن الدولية تحت طائلة دعم ”الاصلاحيين” داخل النظام. ما يؤكده اليوم زميله الألماني الجديد عن وجه حق من « ان المفاوضات مع النظام الإيراني قد بلغت نقطة الموت. وإن حكومة طهران قد وضعت حدًا لهذه الحوارات بعد قيامها باستئناف ابحاثها النووية», هو التأكيد نفسه الذي عبرت عنه المقاومة الإيرانية منذ البداية وبوجه خاص منذ عامين ونصف العام, من أن التفاوض مع دكتاتورية الملالي, مضيعة للوقت لصالح الملالي والمزيد من التجرؤ لديهم. ما تأكد اليوم هو « لن تنمو شعرة واحدة في راحة اليد». لا مجال بعد اليوم لإي تباطؤ ولا لإي عسى ولعّل. ان المجتمع الدولي اليوم لديه كلمة واحدة فقط بخاطب بها هذه الدكتاتورية. إذ وحسب تعبير وزيرة الخارجية الإمريكية, السيدة رايس « لا خيار إلاّ إحالته إلى مجلس الأمن الدولي». كما أكد الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي السيد سولانا « لم يبق أمام أوروبا مفرًا سوى إحالة إيران ”إلى مجلس الأمن الدولي”».
فاذا كان هذا التوافق في الرأي قد حصل بعد تأخر استمر لعامين ونصف العام على أقل تقدير, فان الشرف والأخلاق – حسب ما جاء على لسان ذلك النائب الشريف في البرلمان الأوروبي يقتضيان توجيه الثناء والتقدير لهذه المقاومة لما قامت بها في خدمة للسلام العالمي وليس العكس, اي تعريضها للاتهامات والضغوط في سبيل إبداء حسن النية تجاه نظام مفترس كالذئاب.