خامنئي صار يعلم بأن الجماعات العراقية الموالية له هي أكثر إخلاصا وانقيادا من الايرانيين أنفسهم.
ميدل ايست أونلاين – منى سالم الجبوري: سقوط بغداد كان بمثابة مفترق طرق غير عادي بالمرة لعراق ما بعد الدولة العثمانية، إذ واجه العراق الكثير من الاخطار والتحديات لكنه كان يخرج منها سالما معافيا. إلا أن الاوضاع الحالية التي يمر بها العراق والتغييرات الغريبة التي طرأت عليه، توحي بصعوبة أن يخرج من التحدي الجديد متعدد الجوانب سالما معافيا.
العراق وهو في ظل نظام صدام حسين الدكتاتوري، لامناص من الاعتراف بأنه قد شكل عقبة كأداء بوجه إيران الخميني وبلدا واجه لوحده 33 دولة وأطلق صواريخ على إسرائيل. هذا العراق قد أصبح في ظل الحكم الذي أعقب الاحتلال الاميركي له وسقوط حكم البعث، ديمقراطيا ويتنسم عبير الحرية، كان من المفترض أن يصبح أقوى من السابق بكثير لأنه صار يعبر عن إرادة الشعب العراقي، كما أكد أقطاب “العملية السياسية” في العراق الذي أضافوا له كلمة “الجديد”. غير إن العراق ليس لم يصبح أقوى من السابق بل وصل الى أضعف حالاته منذ عام 1921!
بلد تمزقه الصراعات الطائفية والعرقية وينخره نفوذ الدول المتكالبة عليه ويتقدمها النفوذ الايراني ويسير بخطى سريعة نحو مستقبل غامض، هذا هو العراق الجديد، العراق الذي خرج من سيطرة السنة (كما يتم التأكيد دائما منذ 9 نيسان/أبريل 2003)، ليدخل تحت سيطرة الشيعة. لكن، الذي يميز سيطرة الشيعة على زمام الامور في العراق هو إنها مطعمة بنفوذ إستثنائي غير مسبوق لإيران. نفوذ صار أقوى بكثير من نفوذ إيران في الدول الثالثة الاخرى الخاضعة له.
لأعوام خلت، كان هناك تصور سائد بأنه ليس هناك من حزب وجماعة خاضعة ومنقادة لإيران أكثر من حزب الله اللبناني. لكن هذا التصور صار في خبر كان بعد بروز الاحزاب والميليشيات الشيعية العراقية التي كما نراها ويراها العالم دخلت في ماراثون لا ينتهي من أجل نيل الحظوة الايرانية، وهذا الماراثون “الاغرب من الخيال”، قد أفرز جماعات صارت مستعدة ليست للمزايدة على “ولائها المطلق” للولي الفقيه الايراني ضد الاحزاب والميليشات العراقية الاخرى بل وحتى ضد الايرانيين، وهذا ما يفسر سبب مراهنة خامنئي عليهم، بل وحتى إن تنصيبه لمحمود شاهرودي ذو الاصول العراقية في المنصب الذي كان لرفسنجاني، دليل على إنه أيضا صار يعلم بأن الجماعات العراقية الموالية له هي أكثر إخلاصا وإنقيادا من الايرانيين أنفسهم خصوصا وإن الشعب الايراني صار يتململ كثيرا من هذا النظام ويعمل من أجل التغيير.
هذه الجماعات الموغلة في ولائها المطلق لخامنئي، صارت قياداتها وأفرادها إيرانيين أكثر إيرانية من الملتفين حول الولي الفقيه، وهم قد جعلوا من ولائهم فوق كل إعتبار آخر، بمعنى ليس بإمكاننا إطلاق صفة “العراقيين الايرانيين” عليهم، ذلك إنهم باتوا يزايدون على الايرانيون أنفسهم وانما الاصح أن نسميهم “الايرانيين العراقيين” وبإمتياز!