دنيا الوطن – حسيب الصالحي: عندما إضطر الخميني في عام 1988 مضطرا على الموافقة على وقف إطلاق النار و إنهاء حرب الثمانية أعوام مع العراق، أعلن بأن موافقته کان بمثابة تجرعه لکأس السم، فإنه لم يلبث طويلا حيث توفي في عام 1989 ، ومعاودة إستخدام مصطلح کأس السم مع خليفته”خامنئي”، على أثر المفاوضات النووية التي مورست ضغوط کبيرة على النظام الايراني و خصوصا بعد أن تجاوز الاتفاق النووي المعلن بين إيران و الدول الکبرى خطوطه الحمر التي أعلنها، فإن هناك من ينتظر إعادة نفس السيناريو الذي جرى للخميني مع خامنئي لکن بفارق أن الاخير لايمتلك کاريزما کالتي کان الاول يمتلکها.
الاتفاق النووي الذي رأى العديد من المختصون بالشأن الايراني، إنه أشبه بوضع إيران تحت وصاية دولية لمدة تزيد على خمسة عشر عاما، والذي وصفوه أيضا بأنه بداية دخول النظام الديني المتطرف في نفق مظلم طويل، فإن النظام وکما شهد العالم قد واجه آثار و تداعيات هذا الاتفاق الذي وعلى الرغم من کل التحفظات المختلفة بشأنه، لکنه مع ذلك يضع طهران على مسار لايمکنها الفکاك منه کما فعلت في عام 2004، مع الاتفاق النووي مع وفد الترويکا الاوربية.
الاتفاق النووي الذي عاد مجددا الى الاضواء عندما بدأت الادارة الامريکية الجديدة الاعراب عن تحفاظتها بشأنه و کذلك تشديد العقوبات الاقتصادية الامريکية و الغربية على إيران، يضع النظام في إيران أمام موقف و وضع صعب لکن وفي نفس الوقت فإن المراقبون و المحللون السياسيون يرون أن طهران و على أثر التطورات الاخيرة و تراجع دورها في سوريا بشکل خاص مع تشديد العقوبات ضدها، فإنها بادرت لأمرين هما:
الاول ـ إستمرار النهج الاستبدادي القمعي في الداخل بمعنى إستمرار مصادرة حقوق الانسان و المرأة في إيران.
الثاني ـ إستمرار تصدير التطرف الديني لبلدان المنطقة مع التأکيد على مضاعفته.
مانريد قوله و التأکيد عليه هنا، هو أن التطرف الديني الذي يعبث بأمن و إستقرار المنطقة و يشوه العقول و النفوس و يفسد التعايش السلمي بين مکونات الشعب الواحد، يجب إعتباره أيضا سما زعافا يصيب من يأخذ به و يجعله نهجا له، وهو تماما کالغازات السامة، ذلك إن من يٶمن بالتطرف الاسلامي فمعنى ذلك إنه يعتبر کل من لايکون مثله بمثابة عدو له و بالتالي فهو هدف مباح و بإمکانه القضاء عليه، تماما کما کان الحال في القرون الوسطى في اوربا أيام سطوة الکنيسة و سيطرتها على الشعوب و النظم الملکية، وإن مايفعله تنظيم داعش و النصرة و أحرار الشام و جيش الاسلام و الميليشيات الشيعية، هو نفس ماکان المتطرفون في القرون الوسطى بأوربا يفعلونه.
سم التطرف الديني و الذي يصر خامنئي على مضاعفته لشعوب المنطقة، يجب إعتبارها أيضا جريمة ضد الانسانية لأن مايتسبب عنه کارثي و دموي، وان مايحدث الان في العراق و سوريا و لبنان و اليمن وماينتظر أيضا حدوثه في مناطق أخرى، لايجب أبدا إعتبارها جريمة ضد مجهول وان خامنئي عندما يصرح جهارى بتأکيده على تصدير سم التطرف الاسلامي فإنه ليس هنالك من فرق بينه و بين زعيم داعش أبوبکر البغدادي ويجب أن تتم معاملته وفق نفس الاعتبار.