كارثة ساكني القبور أخذت صداها بشكل واسع بين المواطنين وأصابت المجتمع الايراني بالصدمة حسب رويترز كما جعل النظام هلعا ومضطربا. لنرى ما هو سبب هذا المدى من الحساسية؟ ولماذا أثارت ردود أفعال هسترية؟
الواقع أنه كان علينا أن نشك في معرفتنا للمجتمع الايراني اذا كانت الحالة غير ذلك. لامبالاة تجاه هذه المأساة الغريبة أي ظاهرة النوم في القبور التي لم نسمعها ولم نر في أي مكان، هي بعيد كل البعد عن شرف الشعب الايراني والمجتمع الايراني! ولو أن النظام حاول ويحاول أن يجفف عصب الاحساس حيال المجتمع ويخدر شعورهم تجاه المصائب الاجتماعية التي تصيب المواطنين وما يجري حولهم لكي لا يشعرون ويجعلوهم غير مبالين بما يحصل للآخرين. وهناك نماذج كثيرة من حبس الشباب والطلاب الذين نهضوا قبل 4 أعوام لمساعدة المواطنين المنكوبين في زالزال ورزقان ممن صدرت أحكام ثقيلة عليهم بالحبس. ومن اعتقال وادانة شديدة للناشطين بحثوا بشأن ضحايا هذا النظام مثل الأطفال والنساء اللاتي فقدن معيلهن وغيرها أو قاموا بمساعدتهن والى اعتقال وادانة اولئك الذين احتجوا على الكوارث البيئية. ولكن من حسن الحظ لم يستطع النظام أن يزرق سم اللامبالاة في المجتمع الايراني ويرسخه. وواقع الأمر ان حيوية المجتمع هي التي يخاف منها الطغاة والديكتاتوريات دوما حيث إنهم يرونها خطرا على حكمهم والآن ربما نرى تبلورا آخر من حيوية المجتمع الايراني.
واذا راجعتم بهذا الصدد الفضاء المجازي فترون أنه كيف أثارت مسألة سكان القبور موجة من الغضب والكراهية والحقد حيال النظام والملالي الحاكمين في ايران باعتبارهم مسببي هذه المأساة. كما أن هلع النظام في اعلامه حيال هذا الأمر هو كلام معبر في ذاته.
من الواضح أنه وبما يعود الأمر الى النظام، فانه لا يريد أن يميط اللثام عن هكذا مسائل لأنها علامة دالة لتعرية عيوب النظام، اذن عندما يتناول هذا الأمر فهو من باب الاضطرار وناجم عن محاولاته لاخماد هذه النار الملتهبة اجتماعيا. وعلى سبيل المثال عندما ادعى مساعد وزير الصحة للنظام المدعو ايازي في حديثه أن 7 آلاف و 500 شخص من سكان القبور تم جمعهم في يوم واحد فقط، فتلاحظون أبعاد المسألة! بينما في بداية الأمر كان يصور النظام كأن هناك عشرات الأشخاص فقط يسكنون في واحدة من المقابر أطراف طهران.
ربما يقال لكون المسألة قد خلقت اضطرابا جديا وآزمة اجتماعية فمن الطبيعي أن النظام يتخذ اجراءات بهذا الصدد؟
لا شك في ذلك نعم قد يقوم بتنفيذ بعض الأعمال وهو عمليا يقوم بأعمال ولكن كل هذه تآتي من آجل الدعاية لأن النظام لا يعنيه آلام المواطنين والشرائح الفقيرة في المجتمع أساسا. فهذا النظام مكون من حفنة من السراق والجناة والنهابين وحفنة من عصابات المافياوية حيث يركزون فقط على املاء جيوبهم والقمع واخماد أي صوت يطالب بالحرية والحق. وعلى سبيل المثال تتحدث بعض المواقع الحكومية عن لقاء وحديث حسن خميني في مقبرة خميني مع أفراد وصفوا سابقا بأنهم كانوا ينامون في الكراتين وكتبت هذه المواقع أن حسن خميني قد استمع الى كلماتهم وسالت دموعه ثم قد استقبلهم في مقبرة خميني. من الواضح أن هذا الأرعن المتبقى من خميني كيف يريد أن يخدع الناس حسب ظنه بهذه المهازل والكلمات السخيفة، الناس الذين يقارنون هذه الأيام في الفضاء المجازي وعلى نطاق واسع وضع سكان القبور بقبر خميني الذي أنفق من آجله لحد الآن 6 مليارات الدولارات ووصف بأنه أغلى قبر في العالم.
لذلك تأتي اجراءات النظام كلها بهدف الدعايات الفارغة والمخادعة وتزيد فقط الوقود على نار غضب وحقد المواطنين الايرانيين الواعين.