الأربعاء, 19 مارس 2025

مريم رجوي الرئيسة الجمهورية لإيران المستقبل

مريم رجوي

اجتماع إيران حرة 2023: إلى الأمام نحو جمهورية ديمقراطية

المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية

ماتثير الإعجاب بشأن مجاهدي خلق

اخبار: مقالات رسيدهالعراق في المركز الثالث بين الدول الأكثر فساداً بعد الصومال وميانما

العراق في المركز الثالث بين الدول الأكثر فساداً بعد الصومال وميانما

ماذا تقول «هيئة النزاهة» ومن يقدم الحماية للفاسدين؟
Imageبغداد – خلود العامري  :أثار الحريق الذي تعرض له البنك المركزي العراقي أخيراً تساؤلات الأوساط المسؤولة عن كشف ملفات الفساد الإداري والمالي في العراق، وحذر بعض تلك الأوساط وزارات الدولة، التي تعاني تفشي الفساد فيها، من افتعال حوادث مماثلة تؤول الى إتلاف الوثائق الخاصة بتعاملاتها التجارية والصفقات التي عقدتها مع جهات وشركات أجنبية.

وعلى رغم ان الحريق المذكور أتى على أربعة طوابق من بناية البنك الواقعة في شارع الرشيد، من بينها مكتب محافظ البنك سنان الشبيبي ودائرة المفتش العام المتخصصة في الكشف عن الفساد والتلاعبات المالية، فضلاً عن تهديد الحريق لموجودات البنك البالغة 20 بليون دولار، فإن الجهات المسؤولة في البنك حاولت إشاعة جوّ من الطمأنينة، فيما أعلن الشبيبي ان الوثائق التي تخص البنك محفوظة في أماكن أخرى، والمعلومة ذاتها أكدها المفتش العام في البنك.
ويبدو أن تلك التأكيدات لم تأخذ صداها المأمول لدى الشارع العراقي الذي بدأ يتناقل، همساً وبصوت مسموع، حكايات وحكايات عن ملفات الفساد في مؤسسات الدولة ومنها البنك المركزي العراقي، لا سيما بعد اعلان سرقة 800 مليون دينار عراقي (حوالى 650 ألف دولار).
ويؤكد موسى فرج، الرئيس السابق لـ «هيئة النزاهة»، ان العراق خسر 100 بليون دولار خلال الأعوام القليلة الماضية بسبب الفساد الإداري والمالي، لافتاً الى أن الفساد بات حالة عامة في مؤسسات الحكومة، وان وزارة الدفاع تحتل قمة الهرم في الفساد الإداري والمالي، تليها وزارات الداخلية والتجارة والنفط والكهرباء، مشيراً الى أن الفساد الإداري والمالي يتفشى بين الحلقات الوسطى في الوزارات والتي تبدأ من وكلاء الوزراء ومستشاريهم والمديرين العامين في المؤسسات، وقال فرج: إن هناك 42 مسؤولاً من الحلقات الوسطى بين وكيل وزير ومستشار ومدير عام مطلوبون للتحقيق في ملفات الفساد.
وأكد أن الهيئة اكتشفت الكثير من ملفات الفساد في وزارة التجارة تتعلق بعقد صفقات بآلاف الأطنان من الأغذية الفاسدة، إضافة الى ملف الفساد الذي يتعلق بشبكة الحماية الاجتماعية المخصصة للفقراء والمعوزين والعاطلين من العمل في وزارة العمل والتي تسلل إليها عدد كبير من التجار والموظفين وأصحاب المهن، فضلاً عن ملفات فساد كبيرة في وزارات الدفاع والنفط وغيرها.
ويرى القاضي رحيم العكيلي، رئيس هيئة النزاهة الحالي، ان موضوع الفساد الاداري والمالي في العراق معقد ومتشعب الجوانب وان مواجهته تحتاج الى التوسع في أساليب مكافحة الفساد والى كفاءات قادرة على وضع القرارات التي تتخذها هيئة النزاهة والمفتشين العامين في مؤسسات الدولة موضع التنفيذ. ويضيف: إن عمليات الترفيع في مؤسسات الدولة ما زالت قائمة على المجاملة والمحسوبية، ما يعتبر أهم أسباب انتشار الفساد الاداري والمالي في البلاد.
وعلى رغم ان الإحصاءات النهائية لكميات الأموال المهدورة بسبب الفساد في العراق تصل الى 100 بليون دولار، إلاّ أن القاضي غضنفر حمود جاسم، رئيس هيئة الادعاء العام في لجنة النزاهة داخل مجلس النواب، يقول إن التقارير النهائية للجنة اكدت ضياع 80 بليون دولار وان هناك اكثر من 1066 قضية فساد ما زالت رهن التحقيق، وطالب النائب جاسم بالغاء العمل بالمادة (136 ب) من أصول المحاكمات الجزائية التي تمنع تقديم الموظف الى القضاء إلاّ بموافقة الوزير المختص، معتبراً هذه المادة سلاحاً بيد كبار المسؤولين للتستر على المتهمين بهدر اموال الدولة، لافتاً الى أن غالبية الوزراء لا يوافقون على احالة الموظفين الى المحاكم عند استدعائهم من جانب هيئة النزاهة.
ويرى بعض الأطراف ان هيئة النزاهة وبقية مؤسسات محاربة الفساد تعاني ضغوطاً كبيرة من الأحزاب والتيارات المنضوية في الحكومة، فيما هي متهمة عملياً بتسييس عملها بما يتوافق مع اتجاهات الأحزاب السياسية والطعن بالوزراء والمؤسسات التي تعارض نهج الحكومة. ويؤكد الشيخ صباح الساعدي، رئيس لجنة النزاهة في البرلمان العراقي، ان اتهامه بالتورط بقضايا فساد يصب في هذا الاتجاه وأن هناك ضغوطاً سياسية تقف وراء تلك الاتهامات.
ويشكو الساعدي من وجود معوقات كبيرة أمام عمل لجنة النزاهة ويقول: إن وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء قام بتعميم كتاب رسمي على دوائر الدولة يمنعها فيها من استلام أي كتاب من لجنة النزاهة النيابية او الاجابة عنه قبل إطلاعه عليه، الأمر الذي يعوق عمل اللجنة.
وعلى رغم إطلاق تسمية عام مكافحة الفساد الاداري على العام الحالي 2008 وإعلان الأجهزة القضائية والتنفيذية والتشريعية إعداد استراتيجية عمل في ما بينها لمساندة الحكومة في أداء عملها، فإن ملف الفساد الاداري والمالي في البلاد يبدو أكبر من ان يخضع للانجاز خلال هذا العام، كما ان التحفظات التي أبداها الكثير من النواب خلال جلسة التصويت على الموازنة للعام 2008 والبالغة 48 بليون دولار تكشف عن مخاوف كبيرة من ظهور ملفات فساد جديدة خلال هذا العام تسهم في هدر أموال الموازنة المذكورة.
ويصف الدكتور مهدي الحافظ، عضو مجلس النواب عن الكتلة العراقية، عدم تقديم الحسابات الختامية للأعوام الأربعة الماضية ضمن مشاريع الموازنة الحكومية لدى مناقشتها بأنها «مسألة خطيرة» ويقول: إن ديوان الرقابة المالية تحفظ على حسابات عام 2004 ووضعها تحت تصرف مجلس النواب متنصلاً من مسؤولية اقرارها.
ويؤكد أن تخصيص اكثر من 3.3 بليون دولار للمحافظات لأغراض الاستثمار وإعطاء صلاحية إقرار مشاريعها الى المحافظين أمر يثير القلق لأسباب عدة تتعلق بعدم التعرف على المشاريع المقترحة وغياب آليات الرقابة والتفتيش لدى الحكومة الاتحادية، ما من شأنه الإخلال بدقة العملية.
ولفت الى أن السياسة النقدية للدولة ألحقت ضرراً كبيراً بالقطاع الخاص بسبب تقليص التسهيلات المصرفية ورفع معدل الفائدة المصرفية الى 20 في المئة، كما أنها جسدت التناقض القائم بين السياسة المالية الهادفة الى التوسع والاستثمار والسياسة النقدية المتجهة نحو الانكماش.
ووفق الإحصاءات الأخيرة التي أجرتها منظمة الشفافية الدولية المعنية بمراقبة الفساد في العالم، والتي تتخذ من برلين مقراً لها، فإن العراق يحتل المركز الثالث بين الدول الأكثر فساداً في العالم بعد الصومال وميانمار. وأكد التقرير الذي تضمن إحصاء عن حالات الفساد في 180 دولة على مستوى العالم، أن دولاً مثل العراق وأفغانستان والصومال والسودان بقيت في السنوات الأخيرة في قاع القائمة، بسبب النزاع الداخلي المسلح وضعف الحكومة، وتراجع برامج الرعاية الاجتماعية أو انعدامها في شكل كامل، ما يدفع الموظفين الحكوميين الى اللجوء الى الاختلاس والرشوة.