الجمعة,29مارس,2024

المؤتمر السنوي العام للمقاومة الإيرانية 2023

المؤتمر السنوي2023

مريم رجوي الرئيسة الجمهورية لإيران المستقبل

مريم رجوي

اجتماع إيران حرة 2023: إلى الأمام نحو جمهورية ديمقراطية

المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية

ماتثير الإعجاب بشأن مجاهدي خلق

عام من التدخل الروسي في سوريا

صوره عن الدمار في حلب
فايز سارة : كاتب وصحافيّ سوريّ، وعضو الهيئة السيّاسيّة في الإئتلاف الوطنيّ لقوى الثورة والمعارضة حاليا ومستشار سياسي واعلاميّ لرئيس الإئتلاف
الشرق الاوسط – أنهت روسيا قبل يومين العام الأول من تدخلها العسكري في سوريا، وسط استمرار قصف طائراتها لمدينة حلب، مفتتحة عامها الثاني بمجازر مستمرة في مدينة ذات أهمية استراتيجية،

ليس من الناحية السياسية والاقتصادية فقط، بل من الناحية العسكرية طبقًا لواقع الصراع العسكري ومعطياته الميدانية، وهو أمر سيفرض نتائجه على الصراع السوري في المرحلة اللاحقة والدور الروسي فيه، لأن ربح معركة حلب وفق التصور الروسي، سيفتح المعارك في إدلب وبقية المناطق التي تسيطر عليها المعارضة لحسم الصراع فيها لصالح روسيا وتحالفها مع نظام الأسد وإيران.

معركة حلب، التي جاءت في سياق التدخل العسكري الروسي، لا تشكل بداية في حكاية القيصر الروسي، إنما هي فصل دموي منها، كانت بدايته قيام الطائرات الروسية بشن هجماتها الجوية على مواقع فصائل المعارضة دعمًا لنظام الأسد أواخر سبتمبر (أيلول) من العام الماضي في أوسع عملية خارجية روسية، منذ نهاية التدخل في أفغانستان عام 1989، وقد أعقب تلك العمليات قيام البوارج الروسية في بحر قزوين بضرب أهداف سورية بالصواريخ العابرة للقارات، تبعته هجمات من صواريخ غواصة روسية في البحر المتوسط، وترافقت الهجمات الأولى مع تطورين لافتين؛ أولهما تعزيز القدرات الروسية في القاعدة البحرية في مدينة طرطوس، والثاني تحويل مطار حميميم إلى قاعدة جوية روسية خارج سيطرة نظام الأسد، مما وفر للروس بنية تحتية، تعزز وجودهم العسكري وتدعم عملياتهم، التي توسعت باستقدام آلاف المقاتلين، الذين انخرطوا في معارك برية في عدة مناطق سورية.

قبل التدخل العسكري الروسي ومع انطلاق ثورة السوريين على نظام الأسد، وقف الروس إلى جانب النظام، وقدموا له دعمًا سياسيًا ساعده في النجاة من العقوبات الدولية عبر استخدام موسكو الفيتو أربع مرات في مجلس الأمن الدولي، وساعدوه عبر تدفق الأسلحة والذخيرة والخبراء في حربه ضد السوريين، غير أن النتائج كانت مخيبة لآمال روسيا. فرغم الدعم والمساندة الروسية والتدخل الإيراني وأدواته من الميليشيات، تراجع النظام وصار على حافة الانهيار مع أواسط عام 2015، فاتخذ الروس قرار التدخل العسكري المباشر في سوريا، تحت شعار محاربة الإرهاب والحرب على «داعش».

أما الأهداف الحقيقية للتدخل، فكانت تحويل سوريا إلى ميدان متعدد الأغراض يخدم السياسة الروسية، والأهم في ذلك، تكريس الوجود الروسي السياسي والعسكري في شرق المتوسط، بانتقاله من قاعدة محدود المهمات في طرطوس على الساحل السوري إلى وجود حاسم، يتحكم في القضية السورية، ويؤثر على ما يحيط بها في المنطقة الإقليمية، وخصوصًا إزاء تركيا والمملكة العربية السعودية، والهدف الثاني للتدخل، كان جعل الوجود الروسي في سوريا ميدان مساومة مع أطراف دولية وإقليمية تشتبك معها السياسة الروسية، وخصوصًا في شرق أوروبا، وفي التأثير على مشروعات ذات أهمية استراتيجية مثل النفط والغاز، التي تسعى روسيا لأخذ حصة رئيسية فيها تقوي من نفوذها وقدراتها الاقتصادية بين المتنافسين الأقوياء. والهدف الثالث يتعلق بالسلاح الروسي، الذي لا توفر الصراعات في سوريا ميدانًا لعرضه وبيان مدى قوته وفاعليته فقط، وإنما ساحة لاختباراته وفاعليته من أجل زيادة الحصة الروسية في تجارة السلاح الدولية وفي الشرق الأوسط، الذي يحتل مكانة مهمة في هذه التجارة. والهدف الرابع في الأهداف الروسية تمدد سياسي في منطقة كاد النفوذ الروسي يغيب عنها بعد خسارة حضوره في العراق وليبيا ومحدوديته في مصر، وانخفاضه في سوريا.

إن هدف دعم نظام الأسد والإبقاء عليه ومنع تغييره عبر شعار الحفاظ على الدولة السورية ووحدتها، الذي رفعه الروس، يعد بين الأهداف الرئيسية للتدخل، لكن أهميته تبدو مضاعفة في علاقاته بالأهداف الأخرى، مما جعله محور السياسة الروسية في المستويين الإقليمي والدولي في السنوات الماضية، ويزيد من أهمية هذا الهدف، أنه المجال الأوسع في الحرب الروسية على التنظيمات المتطرفة، التي صارت سوريا ساحة رئيسية لتجمعها، كما أن العين الروسية على ثروات عائلة الأسد، التي تقدر بنحو 200 مليار دولار، وما يمكن أن تحصل عليه روسيا من امتيازات في إعادة بناء ما دمرته الحرب في سوريا، يعطيان هذا الهدف أهمية إضافية.

لقد حقق التدخل العسكري الروسي نقلات على طريق أهدافه في سوريا، وسط تراجع الدور الأوروبي والإقليمي، مضافًا إليه قبول إسرائيلي بالدور الروسي قائم على التنسيق بين الجانبين، ووسط تراخٍ أميركي، وصل إلى حد تواطؤ، أثار في الإدارة الأميركية خلافات، أبرزها ما حصل بين وزارتي الخارجية والدفاع، طفت إلى السطح بعد الاتفاق الأميركي – الروسي الأخير، ومما لا شك فيه أن هذا التطور إلى جانب سعي أوروبي إقليمي لزيادة الحضور في القضية السورية بالتزامن مع عجز روسي عن الحسم الميداني للصراع في سوريا، وضعف نظام الأسد، سيعيق استكمال الأهداف الروسية للتدخل، لكنه لن يمنع روسيا من الاستمرار من ذلك في ضوء انخفاض تكلفة وجودها من الناحيتين البشرية والمادية، فأعداد خسائر جنودها وأسلحتها ما زال قليلاً، وتكلفة وجودها لا تتعدى الخمسمائة مليون دولار من ميزانية روسية تبلغ 55 مليار دولار، وما لم يحدث انقلاب دولي في التعامل مع التدخل الروسي، فإنه سوف يستمر، وتستمر مساعي روسيا لتحقيق أهدافها من التدخل.