الخميس,28مارس,2024

المؤتمر السنوي العام للمقاومة الإيرانية 2023

المؤتمر السنوي2023

مريم رجوي الرئيسة الجمهورية لإيران المستقبل

مريم رجوي

اجتماع إيران حرة 2023: إلى الأمام نحو جمهورية ديمقراطية

المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية

ماتثير الإعجاب بشأن مجاهدي خلق

الثابت والعارض في العراق

صورة لضحايا الارهاب في العراق
 الحياة  – خالد غزال :  لا يزال العراق يعيش تطورات سياسية وأمنية تعيد تركيبه الجغرافي والديموغرافي، وتؤشر الى مفاصل السلطة السياسية الراهنة والمستقبلية فيه. ترسم هذه التطورات ثوابت حالية كما تشير الى مسائل تبدو اليوم عارضة، وكأنها مرت على العراق مرور الكرام. من القضايا التي لم يعد الحديث يدور حولها تلك الموجة من التظاهرات التي رافقت حكومة حيدر العبادي مطالبة باستئصال الفساد ومحاكمة الذين أباحوا النهب لموارد الدولة.

يومها ترافقت التظاهرات مع شعارات تناولت التدخل الإيراني وطالبت بخروجه من العراق. جرى النظر الى تلك الأحداث بتفاؤل عن نهضة شعبية ومدنية تحاول الحد من تدهور الوضع. حصلت بعض التعديلات الإدارية وتغييرات على مستوى السلطة، لكنها كانت أعجز من ان تذهب بمطالب العبادي الى أبعد من الاحتجاج الموقت، والذي سرعان ما انطفأ، لتعود الأمور الى ما كانت عليه.

القضية العارضة الثانية تلك المتصلة بحركة مقتدى الصدر والتظاهرات التي جيّشها تحت عنوان محاربة الفساد وتشكيل حكومة من التكنوقراط. في هذه الحركة كان هناك شيء من التفاؤل بإمكان تحقيق مكاسب ما، خصوصاً ان الحركة ترافقت أيضاً مع شعارات ضد إيران كان أبرزها «ايران برّا.. ايران برّا، بغداد حرة». في الحالتين (العبادية والصدرية) ساد شعور عن نزعة قومية عربية عراقية ضد تدخل فارسي يستثير في الأصل العداوة التاريخية لصراع قديم يعود الى زمن الدعوة الإسلامية وفتوحاتها. هنا أيضاً بدت الحركة عارضة، فلم يلبث مقتدى الصدر ان «حجّ» إلى ايران معتذراً عن الشعارات المعادية لها، وبذلك انطفأت الموجة.

وسط كل ذلك كانت ترسم للعراق ثوابت في موقعه وسيساساته الحالية والمقبلة. أول الثوابت تتصل بالهيمنة الإيرانية على العراق، ورسم مستقبله. تتدخل ايران حالياً بكل مفاصل السلطة، لا يمكن تبرئتها من التحالف مع الولايات المتحدة الأميركية في تدمير الدولة العراقية ومنع نهوضها مجدداً. لعل أبرز المؤشرات إلى ذلك هو منع قيام جيش وطني يمكن له ان يشكل عنوان الوحدة العراقية، فما قيل عن إعادة التأهيل لم يكن سوى ادعاءات يعترف الأميركيون الذين اشرفوا على التدريب والتأهيل بعجز هذا الجيش. الخطة الإيرانية باتت واضحة جداً لجهة استبدال الجيش بـ «حرس ثوري» على الطريقة الإيرانية، عماده ميليشيات الحشد الشعبي التي باتت عملياً تمثل القوة الضاربة. الخطورة هنا ان هذا «الجيش» الجديد تجري تعبئته أيديولوجياً على قاعدة مذهبية صافية وضد المكونات الأخرى في البلد، ما يضع العراق في حرب أهلية طائفية ومذهبية الى أمد غير منظور. أهم النتائج من هذا الثابت هو زوال السيادة الوطنية العراقية.

الثابت الثاني الناجم عن «الاحتلال الإيراني» هو استكمال مسلسل إفقار العراق بعدما أمعن الأميركيون فيه لدى احتلالهم المباشر له عام 2003. لعل أهم مظاهر هذا الإفقار يتجلى في نهب الثروات العراقية من خلال فئة واسعة من أهل الفساد العراقي والإيراني. كان العراق معتبراً من أغنى الدول العربية في موارده، فإذا به اليوم يعاني الملايين من سكانه من الفقر والجوع. تشير الدراسات الدولية إلى ان العراق يحتل المرتبة الأولى عالمياً في معدل الفساد والنهب لثرواته.

الثابت الثالث يتصل بالمرجعية الدينية، تاريخياً يحتل النجف موقع المرجعية الأساس في ما يخص الطائفة الشيعية. كان هناك على الدوام نزاع حول هذه المرجعية بين «النجف» العربي العراقي و»قم» الإيراني الفارسي. على رغم الجهود التي تبذلها مرجعية النجف للاحتفاظ بأولوية المرجعية، الا ان الهيمنة الإيرانية على العراق بدأت تنعكس على موقع المرجعية لمصلحة ملالي «قم». وهو تحول له أبعاد استراتيجية على موقع الطائفة وما سيصدره الملالي من فتاوى وأفكار تنتمي الى أصل ايراني وتتناقض احياناً كثيرة مع الواقع العربي.

الثابت الرابع، وهو الأخطر، ان التحالف الأميركي الإيراني أجرى مبضعه في الجسم العراقي وحسم في تقسيمه الجغرافي. سبق للأميركيين ان باشروا بهذا التقسيم مطلع تسعينات القرن الماضي من خلال دعم الأكراد، وها هي إيران تستكمل التقسيم في سائر المناطق. لا أحد يتحدث اليوم عن عراق موحد على ما كان عليه سابقاً، بل تسود هواجس عما يتطلبه استكمال التقسيم من جراحات ديموغرافية لخلق مناطق سكانية صافية الانتماء المذهبي والإثني، وهو ما يعني مزيداً من الحروب الأهلية وشلالالت الدماء بين أبناء العراق.

في المعركة الدائرة اليوم ضد «داعش»، ترتسم أكثر فأكثر صورة ترسيخ هذه الثوابت. ويزيد من المأساة ان الشعب العراقي يعاني النزف والدمار من خلال سلطتين تجثمان على صدره، وهما وجهان لعملة واحدة في طبيعتهما الإرهابية، انهما «داعش» و»الحشد الشعبي». وهو مصير لا يتوقع له الزوال في أمد قريب.

* كاتب لبناني