ايلاف – محمد الموسوي: هل ستؤدي الاتفاقية النووية الى تصاعد تدخلات النظام الايراني بالمنطقة ودعمه لقوى الإرهاب فيها ام انها ستحد من تدخلاته وتؤدي الى نوع من التهدئة..هل ستؤدي الى احترام النظام لمبادئ حقوق الانسان والاعراف الدولية واعتذاره عن انتهاكاته السابقة وتقديم التعويض العادل لضحاياه واقامة نظام حكم ديمقراطي تعددي يحترم الحريات ويؤدي حقوق كافة فئات الشعب الايراني..هل سيكف عن تصدير الارهاب وتمويله..
وعدة تساؤلات قد يطرحها المرء المدرك والملم بطبيعة صراع النظام الايراني مع العالم (اقليميا منطقة الشرق الاوسط واسيا الوسطى ودوليا في صراعه مع الغرب على التسليم بوجود منطقة نفوذ له يتمدد ويتمحور فيها ويكن جزءا مشاركا في صنع القرار اقليميا وغدا دوليا وشريكا واضحا في اعادة رسم الخريطة السياسية والجغرافية للمنطقة فمن يعرف طبيعة نظام الحكم في ايران وتوجهاته يعلم انه لا يوجد بينه وبين الغرب على مشروعه النووي وانما الصراع من اجل ارغام الغرب على التسليم بايران عظمى ممتدة ورائدة وسائدة بفكرها وأدواتها ولم يكن المشروع النووي لاجل امتلاك قوة تدميرية تبيد اسرائيل او تحارب الغرب كما يطرح من اقاويل وشعارات اقل ما يقال عنها انها جوفاء فارغة لا تصلح للمزايدة حتى امد بعيد…
وانما كان لامتلاك وسيلة التفاوض والمساومة والاخضاع والحصول على دور وللوصول الى هذه النقطة كان على النظام أن يناور من اجل الحصول على الوقت الكافي لبناء مشروعه النووي بكامل بنيته التحتية ووسائل ديمومته واستمراره وفي هذا الاتجاه تقاسم قادة النظام الادوار ما بين مكتب الرئاسة وتوابعه ومكتب ولي الفقيه وما يتبعه فكان على مكتب الرئاسة ان يصعد من لغة التقرب والمرونة من منطلق ايمانه وما يعتقده بسذاجة الغرب وان هذا اللغة ستسيل لعاب الغرب وتؤدي الى نتائج محمودة وهذا ما فعله خاتمي وكسب من خلاله سنين طوال من الوقت اللازم لتحقيق الاهداف وبلوغ الغايات وما كان احمدي نجاد الا فاصلة ساخنة تري الغرب ان القبول بالسخونة بدلا من الحمى هو خيار جيد ومتاح فتظهر حمائم النظام من جديد في صورة مير حسين موسوي او كروبي وتصل ختاما الى حمائم حسن روحي الرئاسية ويعد ما وصل اليه النظام مع الغرب نتاجا وانتصارا له في سياسته مع الغرب والخاسر هنا هو الشعب الايراني وشعوب المنطقة.
– من كبرى الخطايا التي ارتكبها العالم هي السكوت والقبول بما يعانيه الشعب الايراني من مأساة في ظل نظام يدير سلطة حكمه بالحديد والنار والرعب والاعدامات والقضاء المسيس وانتهاكات حقوق الانسان من جهة والخطاب الديني المزيف كوسيلة للتغرير بالبسطاء لادامة حكمه من جهة أخرى..إضافة الى فئة المتميزين من حاشيتهم وتعدد وسائل قوته المسلحة سواء كانت من مؤسسات الدولة الشكلية أو ميليشيات النظام فالشكل دولة مؤسسات والواقع دولة ميليشيات وهذه هي طبيعة انظمة الحكم الدكتاتورية وما فعله الغرب الداعي للقيم الانسانية والديمقراطية هو انه يتحالف مع نظام دكتاتوري مخل بالقوانين والاعراف الدولية.. هذا ما يتعلق بــ الداخل.
– اقليميا.. لا يوجد من هو أكثر جدارة من نظام طهران في إدارة الفتن والازمات كمخارج له ولانكساراته الداخلية والاقليمية.. فازمات العراق صناعة ايرانية بامتياز والمؤسف ان ادواتها عراقية بالدرجة الاولى.. ازمات العراق الداخلية اسس لها النظام كي يتمكن من ادارة العراق كولاية تابعة له بشكل غير مباشر وغير معلن وقادة النظام الايراني لا يتورعون عن ذكر تبعية العراق وقادته لهم كما اعلنوا في يوم ما عن تبعية البحرين.. ازمات العراق ومنها أزمة داعش صناعة ايرانية بامتياز والحاجة لهذه الازمة كبيرة ومهمة كان تكون مخرج ومتنفس للوضع المتدهور في سوريا أو لدعم العملية السياسية في داخل العراق وبالفعل حققت داعش المطلبين اللذين اسست من اجلهما ازمة وصنيعة داعش فالمناطق الغربية المنتفضة على السلطة العراقية قبل الانتخابات البرلمانية الماضية لا صوت لها اليوم سوى صوت البؤس والخراب والدمار والذل.. وتستمر ادارة الازمات بالعراق وتستمر اعمال السحر السياسي ويستمر الاستغلال السيئ للدين.
– دوليا لا جديد في ركوع ورضوخ الغرب ومساوماته ولا غرابة في ذلك عندما تكون المصالح لكن الخطأ عربيا عندما لا يدرك العرب مصالحهم ولا يملكون الارادة وادوات ادارة الصراع مع الغير.،و لايعرفون كيف يديرون ازماتهم ومصالحهم مع النظام الايراني الذي يدرك ذلك ويمارس الضغوط وصناعة الازمات تمريرا لمخططاته ولديه من الحلفاء في ذلك الكثير على عكس العرب ويعد الغرب اليوم من حلفاء النظام الايراني بخضوعهم لمساوماته واسنادهم له في الخروج من أزماته.، وقد أدى غياب الدور العربي الفاعل في المنطقة الى حدوث توافق مع الغرب لا رأي ولا دور للعرب فيه.، والكل يعرف مدى تردد العرب في مواجهة نظام طهران لذا فان توافقهم مع طهران مبررا بغياب الدور العربي الرادع.، ولم يغب الدور العربي الرادع فحسب بل ان البعض وبكل اسف قام بسجن نشطاء مدنيين عرب من خارج السلطة يواجهون نظام طهران قبل اكثر من عقد.
والسؤال حول اذا ما كانت الاتفاقية النووية مع النظام الايراني سببا مستقبليا في تخفيفا حدة تدخلات النظام في المنطقة والعالم ودعمه للارهاب أم انها ستكون سببا في التصعيد من ذلك.. الجواب قد صدر على لسان وزير الخارجية الايراني الاسبق علي اكبر ولايتي الذي يشغل منصب مستشار ولي الفقيه وهو منصب غير رسمي والتصريح باسم ولايتي وبصفته لا يمكن أن اساسا او موقفا رسميا يحاسب عليه النظام لكنه أي ولايتي قد عبر عن حقيقة الموقف وهو التصعيد الذي لا تراجع وعليه فان الاتفاقية مصدر دعم وتعزيز للدور الايراني بالمنطقة والعالم وهو ما سعى اليه طويلا واشرنا اليه اعلاه.، فلن يقدم نظام طهران تنازله التكتيكي الآني المرحلي المؤقت دون مكاسب اخرى اقليمية ودولية وداخلية.. لقد جاءت الاتفاقية لتقوية النظام واخراجه من ازماته وتعزيز ادواره وتصعيد تدخلاته.. ولا يعد الدور العربي الحالي في اطار المواجهة وانما في اطار الوقاية المرجوة ولم يدخل العرب طور بعد رغم حاجتهم الملحة لها بعيدا عن نيران الحروب ونكباتها.
ما هو المطلوب لمواجهة النظام الايراني دون تردد واضاعة للوقت فلم يعد احدا في مأمن فالمملكة العربية السعودية تقع بين سوريا المحترقة والعراق الملتهب المتآكل واليمن المنهار والمقبل على التفتيت والخليج المهدد والواقع تحت هيمنة ايران ولا توجد حدودأ آمنة لها الا على البحر الاحمر.، ودول الخليج الواقعة تحت التهديد الكلي.، والاردن الواقعة تحت التهديد المتوقع من الاراضي السورية او العراقية او الجماعات الارهابية المتمركزة في سيناء المصرية اضافة الى حدودها مع اسرائيل.،ومصر المهددة من الارهاب في سيناء وعلى الحدود الطويلة مع ليبيا والسودان.. والسودان المهددة افريقيا اضافة الى انها مصدر قد يتدفق عبره الارهابيين وسلاحهم وتمويلاتهم.،
ودول المغرب العربي المهددة من الارهاب القادم اليها من بعضها البعض ومن الجوار في مالي والنيجر وتشاد ونيجيريا وباقي الدول الافريقية المليئة ببقايا ومخلفاتها.. ما هو المطلوب لمواجهة النظام الايراني في كل تلك البقع التي لا تخلو من وجوده او نفوذه لم يعد احدا في مأمن وقد تأخر الجميع في مواقفهم..المطلوب هو قراءات مفصلة ودقيقة ورؤى ومخططات هادئة قابلة للتنفيذ والتطور والنجاح..المطلوب هو قرار جريء باسناد ودعم المعارضة الايرانية بكافة اشكال الدعم وفتح مكاتب لها في الدول العربية كافة والتسريع بذلك لمحاربة النظام واسقاطه من الداخل حيث لن يكون هناك اسقرار للمنطقة كلها قبل أي تغيير في ايران..كما أن على التجمعات الحزبية والمدنية والاهلية الغير حكومية والشخصيات الاجتماعية ان تشكل جبهة مواجهة ورفض للنظام الايراني على المستويين الاقليمي والدولي للهروب من دبلوماسية الحكومات وقيودها المعطلة ويكون النشاط تركيزا على انتهاكات حقوق الانسان وانتهاكات سيادة الدول وانشطة قانونية تتابع جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية التي تدعمها ايران خارج اراضيها المطلوب دورا مؤسساتيا شعبيا عربيا.، المطلوب ممارسة ضغوط كبيرة على المجتمع الدولي لصياغة موقف اكثر شفافية وجدية في وجه النظام الايراني.
بديل ديمقراطي في ايران سيعيد للمنطقة استقرارها وحيويتها.
*كاتب وخبير استراتيجي وليبرالي ديمقراطي عراقي