دنيا الوطن – حسيب الصالحي: الموقف السياسي و الاخلاقي غير السديد الذي قد وضع رئيس الوزراء العراقي نفسه فيه من خلال إنجرافه غير العادي وراء أهواء و نزوات النظام الايراني، والتي وصلت الى حد الاستخفاف بهيبة و مکانة الحکومة العراقية نفسها، تثبت بأن نوري المالکي قد إختار طريقا ذو إتجاه واحد لاعودة منه أبدا.
تطابق مواقف الحکومة العراقية بخصوص معظم المسائل و القضايا الاقليمية و الدولية، ليست مجرد صدفة وانما هو ترجمة لماهية و واقع التحالف القائم بين هذه الحکومة و النظام الايراني و الذي يبدو أنه قد تجاوز الحدود العادية و المألوفة ولاسيما عندما نجد أن رئيس الحکومة العراقيـة قد ألقى بکل کراته و حتى نفسه في سلة النظام الايراني، وان التبعية المفرطة للمالکي للنظام الايراني جعلت منه ليس مشبوها فقط وانما أيضا منبوذا على الصعيدين الداخلي و الاقليمي.
الوضع المأساوي للمضربين في مخيم ليبرتي حيث تجاوزوا يومهم الرابع و الاربعين، وإصرار حکومة المالکي و بدفع و ضغط من النظام الايراني ليس بعدم تلبية مطالب المضربين المشروعة وانما بتجاهلها بالمرة رغم أن هناك أدلة و شواهد تثبت ضلوع و تورط حکومة المالکي في هجوم الاول من أيلول/سبتمبر و ماقد تداعى عنه، والنقطة المهمة التي يجب أن نشير لها هنا، هو أن حکومة المالکي و بدلا من أن تحترم منزلتها و مکانتها کحکومة تمثل بلدا و شعبا فإنها جعلت من نفسها طرفا في مواجهة معارضة سياسية لنظام قمعي إستبدادي هو النظام الايراني، وفي الوقت الذي کان ينبغي فيه على هذه الحکومة أن تکون راعية و حاضنة و محافظة على هؤلاء المعارضين، فإنها تنفذ مخططات مشبوهة للنظام الايراني و تقوم بالتسهيل لمجازر و مذابح دموية بحق هؤلاء المعارضين، وان جريمة الاول من أيلول التي جسدت بربرية غير مسبوقة في تأريخ اللجوء السياسي عندما تم تنفيذ حکم إعدام وحشي بحق 52 سياسيا معارضا وهم معصبي الايدي و الاعين، انما ستبقى علامة سوداء في جبين حکومة المالکي ولن تزاح حتى بعد إدانته و محاکمته لأن الذنب الذي إرتکبه أکبر و أفظع من أن يتم إرتواء الغليل منه بالحکم عليه.
لقد إختار المالکي رهانا خاطئا جدا عندما إنحاز و بشکل سافر لجانب النظام الايراني و انه يتصور بأن هذا النظام سيحسم أمر سکان أشرف و ليبرتي، من دون أن يعلم بأن قضية هؤلاء هي بالاساس قضية حرية شعب لن تنتهي او تحسم إلا بسقوط النظام نفسه.