هذا الموقف الالماني يأتي مع إزدياد الاحاديث و التکهنات في العديد من الاوساط السياسية و الاعلامية المختلفة المطلعة، بأن النظام السوري هو المسؤول المباشر عن تلك الجريمة، بل وان جهات دولية أکدت بأن لديها أدلة على تورط النظام السوري وانها ستبادر الى أعلان ذلك لاحقا، غير أن الموقف الاخير لوزراء دفاع اوربا المجتمعين في ليتوانيا و الذي إتفقوا فيه على أنه قد تم استخدام اسلحة کيمياوية في 21 آب في سوريا، مقرين بوجود مؤشرات کثيرة تدل على مسؤولية النظام في الهجوم، يمکن أن يکون بمثابة صفعة سياسية مؤلمة للنظامين السوري و الايراني اللذين دأبا على تضليل الرأي العام العالمي و حرفه بخصوص هذه الجريمة البشعة بحق أبناء الشعب السوري.
التصريح الملفت للنظر لهاشمي رفسنجاني، رئيس مجمع تشخيص مصلحة النظام قبل أيام، والذي أعلن فيه أن النظام السوري هو المسؤول عن تلك الجريمة و لکن سرعان ماتم إجراء تغيير في التصريح بحيث لايتضمن الاتهام إلا أن مواقع إيرانية قد قامت ببث تسجيلا للمقابلة الصحفية حيث يرد فيه تصريح رفسنجاني بذلك الخصوص لکنه مع ذلك تصريح مهم لرجل يشغل منصبا و موقعا مهما و حساسا في هيکل النظام، وتأتي أهميته لإدراکه بخطورة الموقف و انه لم يعد هناك من شئ يمکن أن يتم إخفاءه او التستر عليه في هذه القضية ولذلك فقد سجل هذا الموقف کتحوط و ذغيرة مستقبلية لنظامه، وهذا الموقف تبعه تصريح آخر للرئيس الجديد روحاني أکد فيه بأن بلاده لن تتدخل في سوريا إذا ماوقع الهجوم، وهذا بحد ذاته إنعطافة نوعية في موقف النظام يريد من خلاله التحسب من الان للموقف الذي سيسود بعد الضربة.
لکن، و تزامنا مع ماقد أعلن من مزاعم کاذبة من جانب النظام الايراني تجاه قضية 21 آب في سوريا، فإن النظام قد أعاد نفس الموقف من خلال الحکومة العراقية برئاسة نوري المالکي و التي تخضع لنفوذه و إملاءاته بخصوص الهجوم الدامي الذي حدث على معسکر أشرف في الاول من سبتمبر الحالي و اسفر عن مقتل 52 عضوا من منظمة خلق البعض منهم في مستويات قيادية فيما تم أخذ سبعة آخرين کرهائن، إذ صدرت مواقف متضاربة من جانب حکومة المالکي أکدت تورطها في الهجوم ناهيك عن تورط النظام الايراني نفسه في الجريمة.
الموقف الاول الذي أعلنته حکومة المالکي، کان يقول بأنه لم يکن هناك أي هجوم على أشرف وانما کانت عملية مواجهة داخلية بين السکان، أما الموقف الثاني بعد أن کثر اللغط و التقارير المتعلقة بالهجوم و تداعياته، فقد قامت حکومة المالکي بالزعم أن هيئة وهمية تزعم الانتصار لضحايا الانتفاضة الشعبانية بوجه النظام العراقي السابق، هي التي هجمت على سکان أشرف، وبناءا على هذا التقرير فقد بنا النظام الايراني موقفه من القضية و شدد على ذلك في وسائل إعلامه و تصريحات قادته البارزين و على رأسهم قاسمي سليماني قائد قوة القدس المثيرة للجدل بکونها إرهابية، غير ان التحقيقات الاولية و مقاطع الفيديو التي تم بثها على الانترنيت قد أثبتت فعلا بأن جريمة منظمة قد وقعت على أثر هجوم لقوات عسکرية مدربة تدريبا جيدا و تمتلك مهارات عالية و اسلحة نوعية، وهذا ماأحرج المالکي کثيرا و أجبره لکي يشکل لجنة للتحقيق بالامر، لکن الموقف الدولي کما يبدو لا يميل أبدا للموقف الرسمي العراقي وانما يتجه على النقيض منه تماما، وان ورطة المالکي الحالية بهذا الخصوص و التي قد تکون لها تبعات مستقبلية انما بسبب الضغوط القوية للنظام الايراني عليه، لکن من المؤکد أن المأزق بقدر ماهو صعب و معقد بالنسبة للمالکي سيکون أکثر صعوبة و تعقيدا بالنسبة للنظام الايراني الذي يظهر أن موسم إفتضاح أکاذيبه قد بدأ يطغي و هذا قطعا لن يکون في صالحه و الموقف في سوريا يتجه للحسم!