لاريب أن وخامة الاوضاع ورداءتها ووصولها الى هذا المستوى الاستثنائي, لايمكن اعتبار أنه بسبب العقوبات الدولية والظروف الاخرى المستجدة والطارئة وانما هي بسبب السياسة التوسعية ذات الطابع العدواني للنظام والتي كلفت وتكلف إيران وشعبها الكثير, والانكى من ذلك أن النظام الذي قطع أشواطا بعيدة جدا في مخططاته ومشروعه الطائفي المشبوه الموجه ضد دول وشعوب المنطقة, لم يعد يمتلك خيارا سوى الاستمرار في طريقه الجهنمي هذا, ولعل الصراع الحاد الدائر حاليا بين مرشد النظام والرئيس أحمدي نجاد, هو اساسا انعاكس وتجسيد حي لعمق وتجذر الازمة في نخاع النظام, إذ أن أحمدي نجاد الذي كان مشهورا بتطرفه وتزمته غير المحدود, يقود اليوم تيارا واتجاها يدعو للمساومة والتفاهم مع الغرب, في الوقت الذي يقود جناح المحافظين حملة من أجل القضاء على أحمدي نجاد وتقديمه ككبش فداء على ضريح اخفاق وفشل النظام, سياسيا وإقتصاديا, وحتى ان تأجيل زيارة نجاد للعراق تأتي بسبب من تفاقم الصراع بين أجنحة النظام وتأزم الموقف بصورة حادة جدا, مما يدعو للتأمل مليا بما يحدث في إيران.
لم يعد بوسع النظام الايراني الابقاء على حالة اللااتفاق مع الجتمع الدولي واستغلال العامل الزمني تبعا لذلك, وبات واضحا بأنه لم يعد هناك من متسع ومساحة مناسبة كي يمارس فيها النظام المزيد من المناورات والالاعيب السياسية لخداع المجتمع الدولي, وهنا يجدر أن نشير الى أن هناك من يرى بأن السيناريو الحالي الذي يقوده نجاد قد يكون لعبة أخرى من ألاعيب النظام من أجل كسب المزيد من الوقت, غير أن الذي يقصم ظهر النظام ويسقط في يده هو أن المجتمع الدولي لم يعد يرغب بالمراهنة على التفاحات وهي على الاغصان وانما على تلك التي ستوضع في يدهو ولذلك فإن الاجواء في طهران قابلة للمزيد من التجهم والاكفهرار لأن الخيارين المطروحين, أي الرضوخ للمطالب الدولية, أورفضها ومواجهة المجتمع الدولي, كلاهما يصبان في غير مصلحة النظام وانما يخدمان مستقبل الحرية والديمقراطية في إيران ويرسمان ملامح طريق مجهول المصير بالنسبة للنظام.
خيار صدام حسين, أوخيار معمر القذافي لايستسيغهما النظام الايراني ويصر حاليا على رفضهما في مجالسه الخاصة رغم أن الجميع يعلم بخطورة وجدية التهديدات الدولية ضد النظام وضرورة أن يكون هناك قرار حاسم وحازم يحسم الامور وهو أمر لايمكن إلا من خلال شخص مرشد النظام علي خامنئي, والذي يعلم بأن كأس هذه المرة المقدمة لخامنئي هي غير الكأس التي كانت مقدمة للخميني, حيث أن السم الذي اجترعه الخميني نفذ الى داخل روح وجسد الخميني فأرداه لوحده ووقى النظام من تأثيراته, غير أن الكأس التي سيتجرعها خامنئي ليست من النوع الاول أبدا لأسباب عدة أهمها أن خامنئي غير الخميني, وان إيران 1988, هي غير إيران 2012, وان الارض باتت تضييق جدا تحت أقدام النظام داخل إيران وفي المنطقة أيضا, بإختصار كأس خامنئي هو الكأس الذي سيتجرعها النظام كله!
* كاتب عراقي