السياسة الكويتية – نزار جاف: يبدو أن مواسم تحويل واعادة تحوير دول ذات سيادة الى محافظات تابعة لدول أخرى, مازالت تغري البعض وتدفعهم للهاث خلف سرابها رغم كل ذلك الذي جرى لنظام حكم البعث العراقي!
نظام ولاية الفقيه الذي يحلو له كثيرا أن يعير الغرب ودول أخرى بسياسة الكيل بمكيالين, ويرفع عقيرته دائما ضد هذه السياسة”المنافقة” كما يسميها, لا يعتبر ما صدر أو يصدر عنه من مواقف متناقضة حيال الاحداث التي طغت على بعض الدول العربية, بالكيل بمكيالين, وانما يعتبره موقفا حقانيا وعادلا لأنه يصدر من نظام يحكم بموجب ما أنزل الله فقط.
مشكلة ملالي إيران المزمنة, أنهم لا يستطيعون التخلص من أرث نظام الشاه وأحلامه وطموحاته, لكن العقدة الكبرى في مشكلاتهم هذه أنهم يحاولون تحقيق تلك الأهداف والطموحات بأساليب وطرق أخرى يتم خلالها إعداد خلطة غير مسبوقة تتكون من مزيج من أفكار دينية مبتكرة ونزعات طائفية وقومية ممزوجة ببعضها البعض, وبعد ان كان الشاه يطالب بالبحرين باعتبارها جزءا من إيران, فإن الملالي يكررون الامر نفسه مع تحوير وتغييرات تتفق مع إطارهم الديني ذات البعد الطائفي, ولذلك فهم يسعون الى قطف التفاحة البحرينية بكماشة طائفية!
“ثورة البحرين”, قضية تمت إثارتها وإضفاء الكثير من الابعاد والرتوش المختلفة عليها بعد أحداث الربيع العربي التي لفت دولا من المنطقة, وقد كان للملالي أكثر من هدف وغاية في إثارة وتهويل احتجاجات داخلية بحرينية والادعاء والزعم على أنها”ثورة”, ومن أهم تلك الاهداف:
¯ استخدامها كورقة من أجل إنقاذ حليفهم المهزوز والمترنح في دمشق.
¯ إذكار النعرات الطائفية في البحرين وجعلها وسيلة سامة لبلوغ هدف وغاية أكبر بإثارة النعرات الطائفية في المنطقة كلها وهذا ما سيساعد على دفع الانظار والاهتمامات الدولية بعيدا عنهم.
¯ إرضاء غرور التيارات القومية المتطرفة في إيران من أن نظام ولاية الفقيه لازال يصر على استرداد البحرين”ولكن بأساليبه الخاصة”!
المعلومات الجديدة عن محاولة اغتيال السفير السعودي في الولايات المتحدة الاميركية والتي حصلت عليها منظمة “مجاهدي خلق” عن طريق مصادرها داخل إيران(ومعلومات المنظمة مشهود لها بالمصداقية خصوصا وانها كانت السباقة الى كشف النوايا العدوانية في البرنامج النووي للنظام وأثبتت الايام حقيقة ذلك), تؤكد هذه المعلومات أن قرار الاغتيال قد تم اتخاذه على أعلى المستويات في النظام, ولئن اعترف المتهم الرئيسي بتنفيذ مخطط الاغتيال بجريمته أمام المحكمة في نيويورك وقال إن المسؤولين العسكريين في النظام متورطين في هذا المخطط, لكن الانكى والادهى من ذلك أن هذا المخطط الذي تم وضعه في مكتب العمليات الخاصة لخامنئي الذي يرأسه رجل الدين علي أصغر حجازي ومن أعضائه قاسم سليماني وحيدر مصلحي وزير الامن وحسين طائب رئيس منظمة استخبارات الحرس الثوري, وقد تم في هذا المقر”وبحسب هذه المعلومات الموثوقة”, مناقشة مخطط العملية الارهابية في الولايات المتحدة ضد السفير السعودي واقترانه بموافقة خامنئي, أما المبرر الذي دفع بخامنئي للموافقة على تنفيذ المخطط فقد كان من أجل أن يكون:”كعامل تحفيز وتسريع لثورة البحرين”!
وأنيطت مهمة تنفيذ المخطط الارهابي هذا بالعميد غلام شكوري الذي كان القائد المسؤول عن ملف البحرين, وطبعا بذل شكوري كل ما في طاقته وحدود إمكانياته من أجل تنفيذ المخطط, لكن الدهر كان بالمرصاد للنوايا الارهابية للنظام, حيث فشلت العملية ولم يتم”تحفيز وتسريع الثورة في البحرين”, لكن هل حقا أن الملالي سيتركون مملكة البحرين وشأنها? يقينا ليس لا واحدة فقط وانما ألف لا, ذلك لأنهم قد زرعوا وبثوا عيونا لهم في هذه المملكة على أمل زعزعة أمنها واستقرارها, رغم أن دجالي طهران يبذلون كل ما بوسعهم من أجل تنفيذ مخططاتهم العدوانية ضد البحرين بمنتهى السرية وبعيدا عن الاضواء, لكنهم مع ذلك يحاولوا استغلال أفرادا ومجاميع محددة داخل البحرين في سبيل دفعهم الى التهلكة لكي يحققوا نواياهم الشريرة, ولعل كشف ذلك المخبأ السري لتصنيع القنابل الموقتة تحت احد المساجد من قبل شرطة البحرين, والذي هو لجماعة تابعة للنظام الايراني, يثبت بأن هذا النظام بحد ذاته من يقف خلف هذا المخبأ وتوجيه الافراد العاملين فيه.
مملكة البحرين التي لا يزال ملالي إيران يستقبلون ممثلين عنها في اجتماعات المحافظات الايرانية, ليست بتلك اللقمة السهلة التي بمقدور الملالي ابتلاعها واعتبارها المحافظة رقم 32 في إيران, بل ستكون مقبرة لهم ولطموحاتهم وأحلامهم المريضة, وأما ما يسمونه”ثورة”في البحرين, فإنه مجرد وهم وسراب بقيعة يلهث خلفه الملالي ومن لف لفهم, في حين أن الثورة الحقيقية والواقعية هي تلك التي تغلي مراجلها الان في كل مدن إيران من دون استثناء, ثورة ستنهي نظام الكذب والدجل والتحريف والتزييف في طهران وتنجي إيران ودول المنطقة والعالم من شره وأخطاره!
* أكاديمي عراقي