موقع المجلس:
في محاولة ممیة من جانب نظام ولایة الفقیة لتعزيز معنويات عناصره المتراجعة والمتناثرة في جميع أنحاء النظام، قام نظام الملالي به مغامرة تحت مسمی «الوعد الصادق 2». و لکن لم تمضِ سوى أيام قليلة على تلك المغامرة حتى عادت وسائل الإعلام الحكومية إلى تكرار نغمة الشكوى والانتقاد. وفي الذكرى السنوية لسبعة أكتوبر، اعتبرت هذه الوسائل أن إنجازات خامنئي في غزة تعادل بروز «استراتيجية مرعبة» للنظام وعمقه الاستراتيجي.
وذكرت صحيفة “اعتماد” في 7 أكتوبر 2024: «الآن، بعد مرور عام على تدمير غزة بالكامل وتهجير سكانها، امتدت نيران إسرائيل التي لا يمكن السيطرة عليها لتستهدف لبنان وبُناه التحتية. الأحداث التي شهدها جنوب لبنان ليل السبت وصباح الأحد الموافق 6 أكتوبر تُنبئ باستراتيجية جديدة للمنطقة والشرق الأوسط، وهي نفس الاستراتيجية المرعبة التي تتجنب دول المنطقة التفكير فيها».
نلاحظ هنا أن استخدام تعبير «استراتيجية مرعبة» يتناقض تماماً مع ما يدّعيه خامنئي وحلفاؤه بأنه «انتصار في حرب الإرادات». بعد سقوط أكثر من 41,870 قتيلًا و97,166 جريحًا في غزة كنتيجة لحرب خامنئي في فلسطين، يثار الحديث الآن عن أن التوتر الحالي قد يؤثر بشكل جدي على التوازن السياسي والاقتصادي للمنطقة، مما قد ينهي ما يُسمى «العمق الاستراتيجي» وأذرعه الإرهابية.
وأكدت صحيفة “اعتماد” ذاتها أن «التوتر الجاري بين إيران والنظام الصهيوني لا يملك فقط القدرة على التأثير على مستقبل محور المقاومة، بل يمكنه أيضًا التأثير بشكل جدي على النظام السياسي والاقتصادي للمنطقة».
مرور عام على 7 أكتوبر
نعود إلى نفس الوقت من العام الماضي، عندما كان خامنئي بحاجة ماسة لإشعال الحرب في فلسطين من أجل السيطرة على الأوضاع المتفجرة في المجتمع الإيراني ووقف الانتفاضات المحتملة. ومن الأسباب الأخرى التي جعلته يسعى لتأجيج الحرب:
– وجود انقسامات عميقة داخل النظام وتصاعد النزاعات بين الفصائل المتنازعة على السلطة.
– الحاجة إلى هندسة انتخابات مجلس الخبراء وحل مسألة خلافة الولي الفقیة.
– تغطية فشل انتخابات مجلس النظام في وقتٍ كانت فيه الانتفاضات الشعبية تعم أرجاء البلاد.
كانت مغامرات خامنئي الحربية تحقق أهدافها طالما كانت تُبقي الاهتمام بعيداً عن الانتفاضات في إيران، ولم تصل نارها إلى طهران.
الحسابات الخاطئة
وبعد مرور عام كامل على 7 أكتوبر، فشلت جميع أهداف خامنئي. وقد لجأ إلى دعاية مكثفة لتعزيز معنويات قواته. وأظهرت الهزيمة فشلًا استراتيجيًا أصاب نظامه وأذرعه النيابية، ما أدى إلى إبطال مفعول استراتيجية «الردع» رغم كل الأسلحة والصواريخ.
وفي سؤال طرحته إحدى الصحف الحكومية، ذكرت أن حزب الله قد فقد ميزان الردع الذي كان قد بناه على مدى 18 عامًا منذ حرب 2006، وأن التوترات الأخيرة طرحت شكوكًا حول فعالية هذا الردع.
واعترف محمد خواجوي، محلل شؤون لبنان، بأن تدخل حزب الله في الحرب مع إسرائيل غير معادلات الردع في المنطقة، قائلاً: «الردع سلاحٌ لا يعمل إلا عندما لا يُستخدم».
وأضاف محلل آخر أن «إيران فقدت جناحي قوتها في المنطقة على الأقل لفترة طويلة، مما قلل من قدرتها على المناورة في المعادلات الحالية في المنطقة».
اعترافات بالفشل
يرى المحللون أن ما حدث هو نتيجة حسابات خاطئة في رهان خامنئي على «العمق الاستراتيجي»، والذي أدى إلى خسارة مكتسبات حزب الله منذ عام 2006 دون أي إنجازات ملموسة.
اليوم، يواجه خامنئي تحديات أكبر من مجرد البحث عن بديل للعمق الاستراتيجي، حيث يتعين عليه مواجهة خطر الانتفاضة والتهديد المتزايد لوجود نظامه.