ایلاف – موسى أفشار:
عيَّن علي خامنئي، الأسبوع الماضي، محمد مخبر مستشارًا ومساعدًا له. يُعتبر لقب “مساعد المرشد الأعلى” جديدًا في تعيينات خامنئي، حيث لم يُمنح مثل هذا اللقب لأحد حتى الآن. وفي هذا الصدد، قال مسعود رجوي، زعيم المقاومة الإيرانية، في رسالة إن تعيين خامنئي لمحمد مخبر مستشارًا ومساعدًا للقيادة يُعد امتدادًا لإبراهيم رئيسي وفي منصب أعلى من مسعود بزشكيان، وتشكيل الدولة العميقة لبيت خامنئي لتعزيز نهج خامنئي بهدف منع انهيار النظام وإشعال الانتفاضة.
وأضاف رجوي: “اليوم، بينما ذهب رئيس الجمهورية لولاية الفقيه إلى نيويورك للإدلاء بتصريحات فارغة، يحاول أن يختبر مع محمد جواد ظريف ‘اختبار الأخوة’ مع أميركا خلف الكواليس. قام خامنئي في خطوة غير مسبوقة بتعيين محمد مخبر مستشارًا ومساعدًا للولي الفقيه في منصب أعلى من مسعود بزشكيان”.
وأضاف قائد المقاومة الإيرانية: “أوضح خامنئي في رسالته سبب تعيين مخبر في هذا المنصب، وحدد مجال عمله وأعرب عن التوقعات منه، وبالتالي شكل حكومته العميقة برئاسة محمد مخبر للمنع والعرقلة”.
والآن نريد أن نشرح هذا التعيين ونلقي نظرة سريعة على مسيرة ومواقف محمد مخبر: في عهد الشاه، كان محمد مخبر أحد رفاق الدرب بالنسبة إلى محسن رضائي، القائد السابق للحرس الثوري الإيراني، وعلي شمخاني، المستشار السياسي لخامنئي، في جماعة “منصورون”. وبعد الثورة ضد الشاه في عام 1979، كان عضوًا في الحرس الثوري ومنظمة مجاهدي الثورة الإسلامية، وهي منظمة تشكلت بتوجيه من الخميني لضرب مصداقية منظمة مجاهدي خلق الایرانیة التي ناضلت ضد نظام الشاه منذ السبعينيَّات من القرن المنصرم. خلال الحرب العراقية الإيرانية، عمل في دائرة الصحة في الحرس الثوري الإيراني، ثم أصبح محافظًا لإقليم خوزستان. كما شغل منصب نائب مؤسسة مستضعفان ورئيس مجلس إدارة مصرف سينا (التابع لمؤسسة المستضعفين). وكان محمد مخبر أيضًا رئيسًا للهيئة التنفيذية لمرسوم الخميني، وعضوًا في مجمع تشخيص مصلحة النظام، والنائب الأول لإبراهيم رئيسي. وبعد مقتل رئيسي، أصبح كفيلاً لرئاسة الجمهورية في إيران. وتوضح هذه المسيرة ولاءه المطلق لخامنئي، مثل رئيسي، ولهذا السبب عينه خامنئي نائبًا أول لرئيسي ليتولى قيادة ما يسمى “مقر اقتصاد المقاومة” وتنظيم الوضع الاقتصادي.
ويبدو أن هناك حاليًا ثلاث حكومات موازية في إيران: الحكومة الرسمية التي يرأسها مسعود بزشكيان، وتضم الوزراء الرئيسيين الذين حددهم خامنئي، وهم جزء من بقايا تركيبة حكومة رئيسي وبعض الوزراء المقربين من محمد باقر قاليباف، بالإضافة إلى آخرين يُسمون بالإصلاحيين. حكومة الظل التي يرأسها سعيد جليلي، وتضم عددًا لافتًا من وزراء رئيسي وما يسمى بحركة بايداري وغيرها.
في البرلمان الإيراني، لديها مجموعة قوية نسبيًا من حوالى 50 شخصًا، منهم الملا نبويان، والملا رسائي، وأمير حسين ثابتي، وغيرهم. كما تضم منتمين في صفوف الحرس الثوري الإيراني والباسيج، وفي الحوزة العلمية في قم، تُؤيدهم فلول عصابة مصباح يزدي. وتسيطر إلى حد كبير على منظمة الإذاعة والتلفزيون للنظام. اقتصاديًا، تسيطر على مؤسسة مستضعفان والمقر التنفيذي لمرسوم الخميني وتعمل على النهب.
الدولة العميقة برئاسة محمد مخبر: عناصر هذه الدولة كانوا موجودين مسبقًا في بيت خامنئي وكانوا يعملون هناك. ولكن مع تعيين محمد مخبر، أصبح من الواضح أن خامنئي ينوي منحهم صلاحيات أكبر من ذي قبل، وفي الوقت نفسه، ربط الأجزاء المتناثرة حتى يتمكن من السيطرة بشكل أكبر على كل الشؤون. ونظرًا لخبرة عمل محمد مخبر في المقر التنفيذي لمرسوم الخميني ومؤسسة المستضعفين، ورقابته لمدة ثلاث سنوات على جميع الأجهزة الاقتصادية في الحكومة والبلاد، فإن تعيينه من جانب خامنئي مستشارًا ومساعدًا له يضعه فعليًا على رأس الدولة العميقة التي تتحكم بكافة الأجهزة السياسية والاقتصادية تحت قيادة بيت خامنئي. وباختصار، يعينه كرئيس الدولة العميقة. وهذه هي الحكومة الثالثة أو الحكومة الحقيقية الحاكمة، التي شكلها خامنئي برئاسة مخبر للسيطرة على حكومة الظل برئاسة جليلي والحكومة الرسمية بقيادة بزشكيان.
لقد شكل خامنئي شبه الحكومة هذه للتخطيط ووضع المبادئ التوجيهية التنفيذية لسياساته، ولمراقبة وتدقيق الحكومة الرسمية بقيادة بزشكيان، وللحد من الصراعات الداخلية. في الحقيقة، الحكومة الحاكمة الحقيقية هي حكومة بيت خامنئي أو الحكومة الموازية الرئيسية، أما الحكومة الرسمية فهي المسؤولة عن توفير الخدمات الأساسية مثل الخبز والماء والكهرباء، وتقديم الرواتب لأكثر من ثلاثة ملايين موظف في هذا النظام.
ومن خلال هذه الحكومة الموازية، ينوي خامنئي إملاء سياساته الداخلية والخارجية، بما في ذلك السياسات الاقتصادية، على الحكومة الرسمية. على سبيل المثال، تشير التقديرات إلى أن 70 بالمئة من الاقتصاد الإيراني يقع بشكل مباشر أو غير مباشر تحت سيطرة المؤسسات التابعة لبيت خامنئي. السياسة الخارجية ينفذها وزير الخارجية عباس عراقجي، الذي تعهد باستخدام الدبلوماسية في خدمة الميدان، على غرار عهد قاسم سليماني. البرنامج النووي ينفذه أيضًا باسدار محمد إسلامي، الذي شغل نفس المنصب في حكومة إبراهيم رئيسي.
ختامًا، يجب أن نؤكد أنه بالنسبة إلى خامنئي، فإنَّ الوضع لم يتغير على الإطلاق. نظام ولاية الفقيه هو نفسه كما كان من قبل. ولكن الآن فات الأوان. والمرشد لن يستطيع ملء فراغ إبراهيم رئيسي في نظام حكمه بهذه الحكومات الثلاث الموازية لأنها تزيد من “طين الخلافات والتناحرات” بلّة، دون الوحدة والوئام، لأن التاريخ لا يعود إلى الوراء وخامنئي يصب الماء في السلة.