موقع المجلس:
مهما یسعی النظام الإيراني و مع توسيع السجون ومراكز الاحتجاز كوسيلة أساسية لإسكات المعارضة و تشدید قمع ابناء الشعب الایراني. و إلى جانب زيادة الإعدامات وقمع الاستياء الاجتماعي، طوّرت السلطات واحدًا من أكبر أنظمة السجون في المنطقة. وعلى الرغم من عدم توفر إحصاءات دقيقة حول عدد السجون ومراكز الاحتجاز أو أعداد السجناء والمعتقلين، فإن ما هو واضح أن أسلوب النظام يتضمن استخدام أساليب قمعية شديدة. أي شاب يدعو للعدالة والحرية وحقوق الإنسان قد يصبح هدفًا للاعتقال والسجن والتعذيب. وسجل النظام في الاعتقالات التعسفية يتفوق بشكل كبير على غيره من الديكتاتوريات في المنطقة والعالم.
وبعد احتجاجات نوفمبر 2019، تم اعتقال ما لا يقل عن 12 ألف شخص. وكان حجم هذه الاعتقالات كبيرًا لدرجة أن النظام اضطر إلى استخدام المدارس كمراكز احتجاز مؤقتة في عدة مناطق. وبعد انتفاضة 2022، ظهرت تقارير تشير إلى أن ما بين 20 و50 ألف شخص تم اعتقالهم. إن هذه الممارسات الواسعة النطاق من الاعتقالات التعسفية واستخدام الاتهامات الملفقة إلى أقصى حد هي أداة أساسية يعتمد عليها النظام لإخضاع المجتمع.
الأخبار الأخيرة التي تزامنت مع ذكرى الانتفاضات تشير إلى زيادة في عدد الاعتقالات، ما يعكس خوف النظام من تكرار الاحتجاجات. وتم استدعاء العديد من الشباب وتهديدهم، وتم اعتقال عائلات الشهداء، بما في ذلك الأمهات المسنات.
المقاومة خلف القضبان
تحولت السجون الإيرانية، التي كانت تهدف إلى أن تكون أماكن للخوف والعقاب للمعتقلين، بشكل غير متوقع إلى مراكز للمقاومة والتحدي. الأفراد الذين سعى النظام لإخضاعهم برزوا كقادة في النضال من أجل الحرية. في السجون الشهيرة مثل سجن “إيفين” و”قزل حصار”، يحتفل السجناء السياسيون بذكرى الانتفاضات من خلال إقامة مراسم جماعية تتضمن الشعر والغناء.و يرددون شعارات ثورية مثل «التعذيب، السجن، والإعدام تغذي نيران الانتفاضة» و«طلائع إيران، شهداء الانتفاضة، سيقتلعون كل طاغية من جذوره».
النساء السجينات، وخاصة من ينتمين إلى منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، يلقين خطبًا، ويرددن الشعارات، ويكرمن دور المنتفضین في النضال من أجل الحرية. ويؤكدن على ضرورة الحفاظ على الحدود بين حركة الشعب وأعدائها، ويهتفن الشعار المركزي: «الموت للظالم، سواء كان الشاه أو الزعیم (خامنئي)!» رواياتهن الشخصية عن الانتفاضة تُعيد إشعال روح الانتفاض، وتملأ ظلام الزنازين بالأمل والتصميم.
وأصدر سجينان بارزان بيانًا قالا فيه: «جيلنا هو جيل الانتفاضة. نفس الجيل الذي قاتل ببسالة خلال انتفاضة مهسا، وتم اعتقاله واستشهد، لكنه لم يستسلم ولن يستسلم أبدًا». وحذرا من أن «برميل البارود المليء بالغضب والكراهية الذي تغذيه الإعدامات والمجازر والاضطهاد يحتاج فقط إلى شرارة لينفجر». وأكدا على التزامهما بقولهما: «من الجامعات والمدارس إلى الشوارع، إنه عهد بالدم حتى النهاية، حتى بزوغ فجر الحرية!»
وعلى الرغم من المحاولات السابقة لقطع الاتصال بين السجناء، يجد النظام نفسه الآن أمام شبكة واسعة من التضامن بين المعتقلين. في عرض قوي للوحدة، أصدر 974 سجينًا من 94 سجنًا عبر إيران بيانًا «في ذكرى 30 ألف سجين سياسي تم إعدامهم في جميع أنحاء البلاد» خلال مجزرة صیف عام 1988، لينضموا إلى حركة المطالبة بالعدالة. وامتد هذا التضامن إلى السجناء العامين، حيث أضاف عدد من السجناء الواعيين توقيعاتهم إلى البيان.
تصاعد المقاومة: رمز لاستمرار الانتفاضة
يواصل السجناء في إيران، وخاصة بعد الاحتجاجات الوطنية في عام 2022، نضالهم من أجل الحرية والعدالة رغم تحملهم لأقسى الظروف. وتظهر مقاومتهم بأشكال مختلفة مثل الإضراب عن الطعام، والاعتصامات، وكتابة الرسائل، وإصدار البيانات العامة، والصمود أمام التعذيب والإذلال. ويكشف هذا النضال المستمر أن مطالب الشعب بالتغيير ما زالت حية، وأن القمع والقتل والإعدام لم تتمكن من إخمادها.
وصمود هؤلاء السجناء يعكس الجذور العميقة لإرادة الحرية والعدالة بين الشعب الإيراني. لم تقتصر مقاومتهم على داخل السجون، بل أصبحت مصدر إلهام للمجتمع الأوسع، مما يغذي مزيدًا من الاحتجاجات والانتفاضات الشعبية.
وعبرت هذه الحقيقة القضبان ووصلت إلى العالم بأسره: على الرغم من زيادة القمع والإعدامات، فإن إرادة الشعب في التغيير أصبحت أكثر قوة وإصرارًا.