جانح في جنوب باريس وهجوم إرهابي في إسبانيا وشبح النظام الإيراني
موقع المجلس:
نشرت صحيفة لوموند الفرنسية وخلال تقرير شامل بتاريخ 19 یونیو2024، تفاصيل التحقيقات حول اعتقال الجاني الذي حاول اغتيال الأستاذ أليخو فيدال كوادراس
وکتبت الصحیفة في تقریرها المفصل: “في ۹ تشرين الثاني ۲۰۲۳، نجا أليخو فيدال كوادراس، المسؤول الإسباني البارز، من محاولة اغتيال في وضح النهار في مدريد. وألقى فوراً باللوم على النظام الإيراني. وفقاً لمعلومات حصلت عليها “لوموند”، تم اعتقال المشتبه به الرئيسي، وهو مجرم مقيم في مقاطعة فال دو مارن (ضاحية جنوب شرق باريس)، في ۶ حزيران في هولندا. كانت الشرطة الفرنسية تبحث عن هذا الشخص منذ حوالي عامين في إطار جريمة متعلقة بتهريب المخدرات في مقاطعة فال دواز.
لم يرَ أليخو فيدال كوادراس وجه الرجل الذي حاول قتله.
سمع أليخو فيدال كوادراس قبل سقوطه على الأرض كلمتين فقط وصوت سحب الزناد. لكن شهود عيان قدموا وصفًا للمهاجم. كان يرتدي سترة زرقاء وخوذة دراجة نارية، وهرب على دراجة نارية صغيرة من نوع ياماها سوداء كان شريكه ينتظره عليها واختفى في شوارع مدريد.
هو مواطن تونسي نشأ وعاش في فرنسا: بالتحديد في مدينة فيل جويف في مقاطعة فال دو مارن واسمه محرز العياري.
انتشر خبر كشف هوية المشتبه به الرئيسي في محاولة اغتيال مدريد في مقر الشرطة القضائية في فرساي كالنار في الهشيم. محرز العياري معروف لدى هذا القسم الشرطي. ومن قبيل الصدفة، قبل يوم واحد من محاولة اغتيال فيدال كوادراس، حصل المحققون من قاضي التحقيق في بونتواز على أمر اعتقال دولي ضد المتهم الهارب.
تضيف لوموند في تقريرها: وفقاً للمعلومات التي حصلت عليها لوموند، تم اعتقال محرز العياري في ۶ حزيران أثناء استخدامه هوية مزورة في هارلم بالقرب من أمستردام من قبل الشرطة الهولندية في ظروف تشير إلى أنه كان يستعد لارتكاب جريمة قتل أخرى من نوع «سياسي».
في تقرير لوموند، أشير إلى أنه في هاتف محرز العياري المحمول، الذي تم العثور عليه خلال تفتيش منزله ومنازل إخوته في فيل جويف، توجد عدة عناصر ملفتة للنظر. أولها رسالة من المحرز بتاريخ ۱۴ تشرين الأول ۲۰۲۳، أي قبل ثلاثة أسابيع من محاولة اغتيال السيد فيدال كوادراس: «مرحبًا أخي، اتصل بي عندما تصل، سأذهب إلى روتردام [هولندا] للعثور على «عيار». بالإضافة إلى ذلك، هناك فيديو مرسل من رقم هولندي يظهر فيه فيدال كوادراس في مظاهرة قبل حوالي عشرة أيام من محاولة اغتياله.
تتبعت الشرطة الإسبانية عدة آثار أدت إلى هولندا، وتحديدًا إلى واحدة من أقوى الجماعات الإجرامية في أوروبا المعروفة باسم “موكرو-مافيا”.
من ناحية أخرى، تثير الاتهامات الموجهة من أليخو فيدال كوادراس ضد النظام الإيراني سؤالًا جوهريًا: كيف تمكنت كارتل متخصص في تهريب المخدرات من تنفيذ عملية إجرامية بناءً على طلب حكومة أجنبية؟
بعد ثلاثة أشهر من محاولة قتله، جدد أليخو فيدال كوادراس اتهاماته ضد النظام الإيراني في شباط ۲۰۲۴. في مؤتمر صحفي، قال نائب رئيس البرلمان الأوروبي السابق: «ليس لدي أدنى شك في أن النظام الإيراني هو من يقف وراء ذلك. إيران لديها تاريخ طويل في الأنشطة الإرهابية العابرة للحدود ضد المعارضين والأجانب الذين يدعمونهم».
هذا البرلماني السابق الذي يتمتع بحماية ضباط أمن في كل تنقلاته داخل إسبانيا وخارجها، قال للوموند: “من الواضح لي أن حكومة طهران هي من أمر بهذه المحاولة. لقد كنت طوال حياتي السياسية داعماً بارزاً للمقاومة الإيرانية، لذا لا يوجد شك في دوافع هذا الهجوم.
خلال خمسة عشر عامًا قضاها في البرلمان الأوروبي (۱۹۹۹-۲۰۱۴)، كان أليخو فيدال كوادراس حليفًا ثمينًا للمعارضة الإيرانية. دعمه للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، وهو تحالف من الجماعات المعارضة المتمركزة في فرنسا والذي تعتبر مجاهدي خلق أشهر أعضائه، جعله يظهر في قوائم أعداء النظام الإيراني التي نشرتها طهران في تشرين الأول ۲۰۲۲، قبل عام واحد من محاولة اغتياله.
قال مصدر مقرب من التحقيقات للوموند: “هذه قضية حساسة للغاية لأنها تتعلق بتدخل محتمل من حكومة ويمكن أن يكون لها عواقب دبلوماسية. لم ترد سفارة النظام الإيراني في باريس على محاولات الاتصال المتكررة من لوموند.
إذا تأكد سيناريو الاغتيال السياسي، سيكون أليخو فيدال كوادراس أول سياسي أوروبي يقع ضحية لمحاولة اغتيال بأمر من حكومة طهران. لكن كانت هناك محاولات عديدة أخرى لاغتيال مسؤولين غربيين في الماضي، أبرزها على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي. وفقاً لما كشفته وزارة العدل الأمريكية في آب ۲۰۲۲، نجا جون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق في إدارة ترامب، من محاولة اغتيال أواخر عام ۲۰۲۱.
وفقاً لتفاصيل التحقيقات التي تم الكشف عنها، كان المخطط هو إيراني يبلغ من العمر ۴۵ عامًا يُدعى شهرام بورصافي، الذي كان يسعى عبر وسائل التواصل الاجتماعي للعثور على أشخاص يمكنهم المساعدة في تنفيذ العملية تحت غطاء كتابة كتاب عن بولتون. وقع هذا الجاسوس الإيراني، الذي كان عضوًا في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي، في فخ عميل سري من مكتب التحقيقات الفدرالي (إف.بي.آي) طلب منه العثور على قاتل مأجور مقابل حوالي ۳۰۰ ألف دولار. تم تحديد الشخص المستهدف والموعد النهائي: قبل نهاية عام ۲۰۲۱.
بالطبع، أحبط مكتب التحقيقات الفيدرالي هذه المؤامرة ووجهت وزارة العدل الأمريكية الاتهام علنًا إلى النظام الإيراني. في قضية بولتون، كما في محاولة اغتيال السيد فيدال كوادراس، تم استخدام شبكات إجرامية كمقاولين لتنفيذ العملية.
منذ اعتقال محرز العياري في هولندا في ۶ حزيران، هذا الشاب المجرم من فيل جويف المشتبه الآن في كونه قاتلاً مأجوراً في خدمة النظام الإيراني، تتوافد إدارات الشرطة الأوروبية لاستجوابه.
الأجهزة الإسبانية تنتظر بفارغ الصبر سماع توضيحاته حول مؤامرة اغتيال أليخو فيدال كوادراس.