موقع المجلس:
شهدت مدن إيرانية عدة، يوم الأحد 14 سبتمبر 2025، سلسلة من التحركات الاحتجاجية التي شملت طهران وأصفهان والأهواز وكردستان ومازندران، في مشهد يعكس اتساع دائرة النقمة الشعبية على الأوضاع المعيشية والفساد المستشري.
ورغم تنوع مطالب المحتجين، فإن ما يجمع بينهم هو فقدان الثقة الكاملة بنظام يستنزف ثروات البلاد في القمع والمغامرات العسكرية، بينما يترك مواطنيه يرزحون تحت أزمات معيشية خانقة.


الصلب محور الاحتجاجات: عمال ومتقاعدون في صف واحد
في أصفهان، خرج متقاعدو الصلب في مسيرة كبيرة هتفوا خلالها ضد الحكومة ورئيسها، متهمين المسؤولين بالكذب ونهب أموال الشعب، فيما طالب عمال مجموعة الصلب الوطنية في الأهواز، الذين سبقوهم بيوم، بإقالة المديرين المتورطين في الفساد وسوء الإدارة. هذا التلاقي بين العمال والمتقاعدين عكس أزمة متجذرة تضرب قطاعًا صناعيًا استراتيجيًا يمثل أحد أعمدة الاقتصاد الإيراني.
صرخة المتقاعدين: بين الفقر والوعود الكاذبة
لم يقتصر الحراك على قطاع الصلب، إذ شهدت مدن عدة، منها الأهواز وشوش، احتجاجات لمتقاعدي الضمان الاجتماعي وصناديق التقاعد الأخرى.
رفع المحتجون شعارات لاذعة تفضح تناقض خطاب المسؤولين الديني مع ممارساتهم الفاسدة، مطالبين بمحاسبة المديرين المتسببين في الانهيار المعيشي وارتفاع الأسعار.
عمال وموظفون بلا رواتب ولا ضمانات
في مغان، أضرب عمال مشروع “تنكو” النفطي عن العمل بعد أربعة أشهر من عدم تقاضي أجورهم، ما سلط الضوء على أزمة إدارة المشاريع الحيوية. وفي طهران، تجمع موظفو مكاتب “أسهم العدالة” أمام وزارة العمل احتجاجًا على غياب الشفافية بشأن مستحقاتهم وأوضاعهم الوظيفية، وهو ما يكشف أن حتى البرامج الحكومية لم تعد توفر الحد الأدنى من الأمن الوظيفي.






شباب متعلم يصطدم ببوابة التوظيف الفاسد
كما نظم عدد من المتقدمين لوظائف في وزارة التربية والتعليم وقفة أمام المحكمة العليا وهيئة التفتيش، اعتراضًا على المحسوبية وغياب الشفافية في نتائج التوظيف. هذا الاحتجاج عكس إحباط جيل كامل من الشباب المتعلم الذي يواجه انسداد الآفاق في ظل نظام يقوم على العلاقات والمحاصصة بدل الكفاءة والعدالة.
النظام في مواجهة غضب الشارع
أظهرت احتجاجات 14 سبتمبر أن الشارع الإيراني بات أكثر جرأة في مواجهة الحكم، حيث استهدفت الهتافات مسؤولين بارزين بالاسم، متهمة إياهم بالكذب والنهب. ويكشف ذلك عن انهيار ما تبقى من حواجز الخوف وفقدان أي ثقة في مؤسسات الدولة.
لقد فشل النظام، وفق ما عكسته هذه التحركات، في أبسط وظائفه: دفع رواتب العمال، توفير معيشة كريمة للمتقاعدين، وضمان مستقبل للشباب. وفي المقابل، يرى المحتجون أن ثروات البلاد تُهدر في مشاريع فاشلة وتنهبها شبكات فساد، بينما يواجه المواطنون أزمات متفاقمة.
وهكذا تتحول الشوارع إلى المنبر الوحيد لشعب يطالب بحقوقه وكرامته في مواجهة حكم فقد شرعيته.








